انتصر لبنان الحر.. وانتصر منطق الدولة اللبنانية وصوَّت اللبنانيون لصالح سيادة بلدهم وإبقائه حراً وليس (كويكباً صغيراً) في فلك مشروع إقليمي وضعه مغامرون لمصلحة إمبراطورية طائفية.
نعم نتائج انتخابات لبنان التي جرت يوم السابع من حزيران أفرحت أغلبية اللبنانيين، فالأرقام لا تكذب، وقد أعطت لتيار السيادة اللبنانية والمنافحين عن الدولة اللبنانية واستقلالها واحداً وسبعين مقعداً من مئة وثمانية وعشرين هم مقاعد البرلمان اللبناني، في حين تراجعت أصوات المعارضين إلى سبعة وخمسين صوتاً، وهي أرقام تعكس تمسك اللبنانيين باستقلالهم، وتكشف الثقل الحقيقي للتيارات السياسية في لبنان، فقد أظهرت النتائج تمسك والتفاف اللبنانيين -وبخاصة في بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع- بمرشحي تيار المستقبل حملة إرث رفيق الحريري السياسي، وينظر المحللون والمتابعون للشأن السياسي باهتمام كبير للفوز الكبير لقوائم تيار المستقبل في دائرة بيروت الأولى دون أي اختراق للقوائم الأخرى، ودائرة صيدا، ودائرة زحلة، وهو فوز يظهر قوة تيار المستقبل وقناعة اللبنانيين بالطرح الذي يقدمه هذا التيار المعتمد على الدفاع عن الدولة اللبنانية وسيادتها وبقاء قرارها مستقلاً دون أية إملاءات من الخارج.
ولهذا فإن العودة إلى نغمة (الشروط) والمطالبة التي بدأ يتحدث بها المعارضون للمشاركة في الحكومة اللبنانية تعد غير مقبولة، ومعاكسة لما أفرزته الانتخابات، وممانعة للصوت اللبناني الذي سأم الحديث عن الثلث الضامن، وعدم الحديث عن السلاح غير الخاضع لسيطرة الحكومة، وأن المقاومة وحدها الضامن لسيادة لبنان وكأن البلد بلا جيش وأنهم وحدهم الوطنيون المخلصون رغم أن الناخب اللبناني كشفهم وكشف ولاءهم لغير لبنان.
صناديق الانتخابات اختارت تعزيز وتقوية لبنان الدولة.. واختارت الانتماء للبنان وهو خيار مهم جداً سيعزز التوجه الذي تسير إليه المنطقة التي تنتظرها استحقاقات مهمة، منها انتخابات الرئاسة الايرانية التي تشير الدلائل إلى عودة الاصلاحيين مما سيعزز التوجه الذي يسعى إليه حكماء المنطقة الساعين إلى إبعادها عن التوترات والحروب وبخاصة أن هناك سعياً جاداً لمعالجة أم المشاكل القضية الفلسطينية المؤمل حلها حلاً عادلاً في غضون عام أو عامين.
