تبخرت عن صفحتها علامات الدهشة
تلك التي رسمتها على وجوه الناس طائرة بكل تقانتها
وضماناتها.. وجودة صناعتها، وعبقرية طاقمها نفدت
عن كلمات البشر، وقدرتهم، وعبقرياتهم..
فكون الله الفسيح..
بقدرته الجليلة..
محك صعب وقاس
لطاقة البشر الضئيلة..
لا يتجاوز الخروج منها بشيء من الاستسلام إلا ذو إيمان..
ولله آيات تأتي في بغتة، تهز الإنسان، تعيده لقواعده التي شذ غرورا عنها، تلك قناعة، لن يستسلم لها من يحسب في آيات الله ما يمكن أن تقلبه قدرات الإنسان لتجد له مبررات على قدر عقولهم..
الآن، يحسب الإنسان أنه قادر على الأرض، ويتطلع لأن يقدر على الفضاء، فلينفذ، ولن ينفذ إلا بسلطان، لكنه السلطان الخاضع لمشيئة الله بالقدر الذي يحدده تعالى..
آيات الله تتوالى، والحاجة للعودة لمعين الحق ملحة..
أيها الإنسان.. تحزن لموت، وتبكي لفقد، وتألم لجرح، وتشكو من حاجة، وتلح في سعي، وتغتر بنجاح، وتتباهى بصناعة، وتتعاظم بثروة، وتتباهى بقوة، وتضرب الأرض بصحة، وتدك الأوتاد بعنفوان، وتنسب إليك منجزك، وتتوج اسمك بمعارفك، وتبدد وقتك في عمل، وتبذل قوتك في سهر، وتحصي دخلك بثقة، وتمرح في أرضك باعتداد، وتميد في دنياك بزهو، فقد نلت الدنيا، وملكت ناصيتها، وخضعت لك مواردها، وقربت منك روافدها، انطوت بمنجزك المسافات، وقرب باختراعك البعيد، ولان لمهارتك الحديد، ولكن.. ما فعلت بنفسك طاعة لربك، وإيمانا بقدرته فيك، وإرجاعا للفضل إليه، وتمسكا بالشكر له، واعتقادا بمشيئته في أمرك، وفي عونه لك، وفي بسطه الأرزاق بين يديك من علم، وعقل، وعافية، وتفكير، ومال..؟.. ما الذي قيدته من قدرتك على القراءة في علم الدين وفي التعرف على خالقك وفي الدعوة إليه..؟ وأنت مشاء فوق الأرض.
تبهرك الألوان وتجذبك الألسنة، وتطوح بك العطورات..؟ أيها الإنسان، آما آن لك أن تبصر نفسك، وما فيها، لتهذب غرورك بما تجده فيك من قدرة الله، فتعلو همة العودة فيك إليه استغفارا، وخضوعا، وتوكلا وطاعة وعملا..؟