حينما رأيت ذلك الخبر المصوَّر عن الاعتصام الذي قام به في ميدان من ميادين القاهرة عدد من أفراد السلك الدبلوماسي الأمريكي وعوائلهم تضامناً مع غزة، ومطالبةً بفك الحصار الظالم عن أهلها، وذلك في اليوم الذي ألقى فيه الرئيس الأمريكي (أوباما) خطابه في جامعة القاهرة مخاطباً به العالم الإسلامي، وهو خطاب سمعه الجميع، وتباينت فيه الآراء، أقول: حينما رأيت أولئك المعتصمين الأمريكيين من أجل غزة تذكرت تلك الوفود التي جاءت في حملات إلى غزة من دول أوروبية، وكان أولها الوفد البريطاني الذي ضمَّ عدداً من البريطانيين، وكذلك الوفد الأوروبي الأخير الذي تعب حتى وجد إذناً بالدخول إلى غزة، وشعرتُ بتقديرٍ لأولئك القوم الذين شعروا بمآسي أطفال ونساء وشيوخ غزَّة (شعوراً إنسانياً) فجاؤوا منادين برفع الظلم والحصار عنهم، وآمنت بأن الحقَّ لا يموت، ولا ينهزم ولا يستطيع أعداؤه أن يسلبوه ثباته وبريقه وبهاءَه، مهما بذلوا من وسائلهم، ونحن مأمورون بأن نشكر أصحاب الفضل على فضلهم، لأن ذلك من العدل الذي ربَّانا عليه ديننا الحنيف، ونحن نقدِّر الجهود الكبيرة التي يبذلها كثير من أصحاب الرأي والفكر وعمل الخير من المسلمين، ونشيد بها دائماً، ولكنَّ تلك المواقف التي يقفها غير المسلمين من الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم أصبحت من البروز بمكانةٍ تدلُّ على صدق دعمهم لقضية المسلمين العادلة وعلى عمق إحساسهم بالمأساة الكبرى التي خلَّفتها الغارات اليهودية الهمجية على غزَّةِ البطولة والإباء.