المملكة جزء مهم من العالم، سواء على المستوى الديني أو الصعيد السياسي أو المجال الاقتصادي، فهي منطقة التقاء بشري دولي ومركز علاقات متنوعة ومتداخلة ومقصد لأصحاب الأعمال والحجاج والمعتمرين، لذلك فلن تكون بمنأى عن الأزمات التي تعصف بالعالم بين فترة وأخرى، التي آخرها أزمة (إنفلونزا الخنازير) أو الإنفلونزا المكسيكية، هذه الإنفلونزا التي أقلقت منظمة الصحة العالمية وما زالت بسبب تزايد معدلات الإصابة بها واحتمالية تحولها إلى (جائحة) تفتك بشعوب الأرض، خاصة أن فيروس هذه الإنفلونزا ينتمي لذات السلسلة التي ينتمي لها فيروس (الإنفلونزا الأسبانية) التي قضت على أكثر من 50 مليون إنسان في عام 1918م، وهي السنة التي يعرفها كبار السن لدينا ب(سنة الرحمة) لكثرة الوفيات من غائلة المرض. إلا أنها تبدو بصورة أخرى لارتباطها بحيوان (الخنزير)، هذا الحيوان النجس في ذاته والقذر في حاله الذي ينقل أكثر من تسعة أمراض، غير أن عدم وجود حيوان الخنزير أو مشتقاته على أرض المملكة أو في أسواقها لا يعني أننا بعيدون عن المشكلة، بل ربما هذا ما يجعلنا نقلل من خطورة الوضع فنركن إلى الأساليب التقليدية في التحرز من نقل العدوى، دون أن ندرك أن الفيروس قد يصل إلينا بسهولة من أحد الوافدين الذين يتدفقون إلى المملكة كل ساعة على مدار اليوم كما حدث مع الجمهورية التركية، التي دخلها الفيروس عن طريق وافد أمريكي، فاضطرت السلطات الصحية التركية إلى تعقب أكثر من 163 راكب كانوا مع هذا الأمريكي في الطائرة.
إذا ً خط الدفاع الأول يكمن في مطاراتنا الجوية وموانئنا البحرية ومنافذنا البرية، الأمر الذي يتطلب يقظة تامة وعمل متقن وتجهيزات طبية متكاملة، وهذا يعني أن (وزارة الصحة) مطالبة بأن تتعامل مع الأزمة القائمة على أنها في مرحلة (الخطورة العالية) التي قد تدهمنا بأية لحظة لا قدر الله، فيجب محاصرتها قبل دخولها أراضينا من خلال الكشف الدقيق والشامل على كل القادمين للمملكة في كل نقاط الوصول بالتعاون التام مع الجهات الحكومية والأجهزة الأمنية، وفق آلية عمل لا تترك مجالاً للخطأ أو السهو أو التجاوز من قبل البعض، الذي قد يتهاون مع هذه المسألة الخطيرة، سواء برفض الكشف حال وصوله المطار، أو التهرب إذا ما كان في وضع اشتباه الإصابة بالمرض، كما على وزارة الصحة أن تعرف أن هذه الأزمة لا تماثل أزمات الوادي المتصدع وإنفلونزا الطيور وغيرها، بحيث تعالجها بطريقة الارتجال والإجراءات البطيئة ورمي المسؤولية على الجهات الأخرى.
بل تكون على درجة عالية من المسؤولية الوطنية، كما عليها أن تصدر بياناتها اليومية باستمرار عن الوضع العام في المطارات الجوية والموانئ البحرية والمنافذ البرية.
Kanaan999@hotmail.com