أحياناً وعندما تقرأ نصاً شعرياً معيناً أو تستمع إليه يصيبك شيء من الدهشة والتعجب لما ترى داخل هذه القصيدة من عجائب تثير الكثير من علامات الاستفهام لما يتطرق إليه الشاعر من أفكار ومضامين لا توجد بينها روابط فنية فمن المألوف أن تكون القصيدة ذات فكرة معينة يريد الشاعر إبرازها للمتلقي ويستخدم في ذلك مهاراته الشعرية فيقدم لهذه الفكرة بعرض موجز يهيئ ذهن القارئ أو المستمع للنص ومن ثم يتغلغل إلى لب الموضوع ويعرضه حسب أسلوبه إن كان من أصحاب الرمزية أو الأسلوب المباشر وهو يعود إلى قدرات الشاعر وبيئته حيث إن الشاعر ابن بيئته ومن ثم يأخذ بالتدرج لتهيئة ذهن المتلقي بحصيلة وافرة عن هذا النص بدون تشتيت ذهني وهذا هو مسار ركب الشعراء، أما ما نشاهده اليوم من بعض الشعراء هو عدم تسلسل أفكار النص حيث إنك عندما تقرأ مقدمة النص يتبادر إلى ذهنك تصور معين عن اتجاه هذه القصيدة فعندما تستمر في القراءة أو الاستماع في النص يتبادر إلى ذهنك تصور آخر وهكذا حتى ينتهي النص وفي النهاية تتضارب أفكار المتلقي ويخرج من النص بدون أي تصور بعد المشتتات الذهنية التي عصفت فيه فهذا يقودنا إلى التشكيك في مصداقية مشاعر صاحب النص بالإضافة إلى عدم إلمامه بفنيات الشعر وقواعده وهذا حال أغلب رواد الساحة الشعبية فهل يستمر الحال بنا هكذا أم أنه يأتي يوم تصحح فيه المفاهيم وتعود المياه إلى مجاريها وهذا ما يتمناه الجميع.