شدني ذلك المبنى (المترهل) -الطاعن في السن- الذي تملأ جنباته تلك الرسومات البريئة المطرزة بالأمثال السامية.. ساورتني الشكوك فتوقفت لإزالتها فما هي إلا لحظات عابرة حتى بددتها تلك اللوحة (المهيبة) مدارس ال... الأهلية (تمهيدي، ابتدائي، متوسط، ثانوي)..
ولا أريد أن أحدثكم عن حجم المبنى أو مؤهلاته لأني سأحتاج إلى العديد من الصفحات البيضاء لعلها تفي بالغرض ولكن هيهات؛ فهذه المدرسة (العتيقة) وبمساحتها (الشاسعة) التي لا تتجاوز سبعمئة متر وبجميع أقسامها (المتنوعة) تخرج كل عامٍ سواعد الوطن الذي ينتظر بشغف ومع كل إشراقة شمس هذه الأجيال الشابة لتحمل العبء الثقيل وتسهم في البناء والنهضة.
إن الاستثمار في العقول عمل حساس ودقيق يجب أن يرافقه استشعار حقيقي (واضح) لقيمة الأمانة الكبيرة التي يسعى بعض الأثرياء (مادياً) لتقويضها بجشعهم (اللا متناهي)، فإذا كان التعليم أو التربية الذي تتلقاه الأجيال ضعيفاً أو متهالكاً فإن ذلك سيؤثِّر سلباً في مستقبل الوطن وتوجهاته الفكرية (التنموية)، المشكلة أن عدداً كبيراً من ملاَّك هذه المدارس -مع الأسف- شبه أميين وليس لديهم أي خلفيات ثقافية (علمية) يمكن أن تؤهلهم -على الأقل- للخوض في هذا المجال الذي يعبثون فيه بحرية! فحرصهم منصب على الجانب المادي (كم سنصفي نهاية العام؟) أما بقية الأمور فلن تكون بحسبان هؤلاء، وهذا الكلام لن يحتاج إلى إثباتات أو براهين، فإعلانات المدارس الأهلية (العشوائية) التي تعلو أعمدة الإنارة والمساحات البور داخل مدينة الرياض هي قرينة (حية) على نوعية المستثمرين في هذا المجال وعلى توجهاتهم الخاطئة.
كم تمنيت أن تقوم الجهات المسؤولة في وزارة التربية والتعليم بواجبها تجاه هذه المنشآت التعليمية (الغارقة) لتزيح الستار عن أعينها وتكشف الأخطاء والتجاوزات التي اعتادت هذه الأهليات على ارتكابها، مدارس أشبه ما تكون بالمستودعات أو الحظائر، لا تتوافر فيها أدنى مقومات السلامة الصحية أو الفكرية، فالهدف من إنشاء هذه الكيانات التعليمية المادة فقط؛ التي أغشت - مع الأسف الشديد - أفئدة أربابها قبل أن تعمي أبصارهم، فأصبح هذا الهدف (السامي) هو الطبق الأبرز على مائدتهم الدسمة، ولا ألومهم في ذلك فلا مؤهلات علمية لديهم يمكن أن تُبَصِّر ضمائرهم، وليت هؤلاء يقتدون ببعض المدارس الأهلية النموذجية التي يتولى الإشراف عليها أكاديميون متخصصون هم في الغالب ملاَّكٌ لها وإن لم يكونوا فلهم نصيب مؤثِّر يؤهلهم لتطوير هذه الصروح التعليمية والرقي بها نحو الأفضل، فالتعليم أمانة ربانية فكيف يجرؤ هؤلاء على خيانتها، فهي رسالة إلى بعض أرباب هذه المدارس أن يتقوا الله في الأمانات التي أودعها المواطنون لديهم وليعلموا أن الاعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه.