يتوالى صدور التقارير من بيوت المال عن جاذبية الاستثمار بسوق المال السعودي هذه الأيام بشكل متوالٍ وإذا كان هذا الأمر من الناحية المهنية طبيعياً جداً، بل مطلوب إلا أن توقيته أيضاً طريقة بناءة هي الغريبة بشكل عام، فتقرير ميريل لنش صدر قبل يومين معتبراً السوق السعودي أفضل الأسواق الخليجية في الوقت الذي كسب السوق إلى الآن 50 بالمائة من أقل نقطة وصلها في شهر مارس الفائت واعتبر أن السبب عائد لقوة اقتصاد الدولة من حيث حجم الفوائض المالية وحجم تصدير النفط وارتفاع أسعاره والإنفاق الحكومي، فكل هذه الأمور معلومة أساساً للجميع بل إن نقاط القوة التي ذكرها ليست بجديدة بل هي من العام الفائت فأين كان محللو ميريل لنش عنها قبل أشهر لينصحوا المستثمرين بدخول السوق ويساهموا في تبديد الخوف الذي كان يعتريهم فالأسعار ارتفعت بنسب قياسية خلال فترة قصيرة وبعض الشركات الرئيسية بالسوق تضاعفت أسعارها فهل تعد هذه التوصية حالياً منطقية بعلم الاستثمار فلو كانت من مبدأ تحديث لتقارير سابقة لقلنا انها تمثل دفعة جديدة من التفاؤل للمستثمرين ولكنها أصلا لم تستند على شيء جديد فالميزانية العامة للدولة والفوائض المالية كلها مقرة من نهاية العام 2008 ومعروفة للجميع فأين الجديد والغريب أيضا أنهم اعتبروا سوق دبي الأرخص فكيف يكون سوقنا الأفضل وسوق آخر هو الأرخص وهنا وجه التناقض الذي يحتاج إلى كثير من تدفق المعلومات مجددا بشكل واضح ونحن هنا لسنا بصدد شرح محتوى تقرير ميريل لنش بقدر ما نطلب منهم ذلك أما التقرير الآخر فجاء من هيرمس حيث حدد أرقاما معينة سيصلها السوق السعودي وهي 8 آلاف نقطة قبل نهاية العام الحالي بتقديري أن مثل هذه الأرقام يتم ذكرها من باب التحليل الفني وبحكم ما نقرأه من البيانات المسجلة بتاريخ حركة السوق السعودي لم أجد لهذا الرقم أي أساس سوى انه حاجز نفسي، فهناك نقاط عديدة يعرفها الكثيرون منها ما هو قيعان سابقة أصبحت مقاومة مثل 6767 وهناك قمم سابقة فوق الحاجز المذكور واقل منه كما أن ارتفاع السوق بنسبة كبيرة بوقت قصير لا بد أن يمر بمراحل تصحيحة حتى لو كانت قصيرة وبالتالي فهناك من سيدخل السوق أو يتمسك بمركزه انتظارا لرقم 8 آلاف ظناً منه أن الانطلاقة مستمرة دون توقف وعند أي تصحيح يقوم بالبيع دون أن يعرف السبب ويقدر حاجة السوق له والتقرير توقع التصحيح بنسبة 20 إلى 25 بالمائة دون ذكر المنطقة التي يتوقع حدوثه عندها ويعلم محللو هيرمس إن سوقنا كأي سوق ناشئ تحكمه التعاملات الفردية بشكل كبير والجانب الأهم هو غياب التقديرات المالية بشكل دقيق فما ذكر لا يعدو أكثر من خطوط عريضة لا يمكن الاستناد لها بالقرار الاستثماري فما كنا نرغب بمعرفته هو المقارنة بين الرقم المعلن وتقديرات النمو لأرباح السوق ومستوياتها المتوقعة وكم سيكون مكرر السوق والعائد عليه والكثير من المعطيات المالية التي تدعم التوجه قبل كل شيء نحو الاستثمار بالأسواق والحقيقة أن هاتين المؤسستين ليستا الوحيدتين فهناك مؤسسات محلية تضع على موقعها على الشبكة العنكبوتية تقديرات بوصول السوق إلى ما فوق ثلاثين ألف نقطة، بل إن هذه التقديرات موجودة من قبل وصولنا إلى اقل مستوى قبل عدة أشهر من الآن.
التقارير تساهم برؤية المستقبل وسط الضباب الكثيف الذي تعيشه الأسواق وهي مهمة بكل مرحلة لكن ما الفائدة منها إذا لم تكن بتوقيت صحيح ووضوح كامل بالمعايير والمرتكزات التي بنيت عليها وبإعطاء تقديرات مستقبلية محددة وإلا فتصبح فقط لمجرد الدعاية والاستعراض ولا اعتقد أن هيئة السوق المالية تقبل بمثل هذه الأساليب فما نأمله من مقام الهيئة فرض أساليب محددة لتلك التقارير من حيث درجة الوضوح والمعلومات ومتابعة أداة هذه المؤسسات مستقبلا حتى يكون لها الدور المأمول لخدمة السوق والمستثمرين والاقتصاد الوطني بشكل عام.
m9m70@hotmail.com