يدرك تماماً المتابع الرياضي المهتم بشؤون كرة القدم أهمية القاعدة في الأندية وتلك الأهمية ليست مقتصرة على أندية دون الأخرى، بل أهميتها ممتدة إلى أقصى مكان في العالم تمارس فيه لعبة كرة القدم باحترافية. فمهما بلغ ثراء الأندية واعتمادها على شراء النجوم، فهذا لا يكفي بدليل انتشار أكاديميات الأندية في أنحاء العالم بدعم مباشر من أنديتها حتى تكون رافداً جيداً يغذي الدرجات المختلفة في النادي حتى يصلوا للفريق الأول ويستطيعوا تمثيله. يخطئ رئيس أي نادٍ عندما يقول لا يهمني إن لم يحقق ناشئو وشباب النادي بطولات المهم اكتشاف المواهب التي تخدم الفريق الأول، وينسى أن مقياس النجومية وحجم الموهبة بعدد الإنجازات، فعندما يحقق شباب وناشئو أي نادٍ بطولات على مستوى الفئات السنية هذا دليل واضح على وجود المواهب التي ستصبح ذات يوم نجوماً للفريق الأول.
اهتمام الأندية بتلك الفئات متفاوت فمن يولي تلك الفئات اهتماماً مباشر ويجعلها من أولويات سياسة النادي وإستراتيجياته سيجني حتماً الإنجازات المتتالية، وسيكون مستقبل ذلك النادي مليئاً بالبطولات، وخير مثال على هذا الأمر محلياً نادي الهلال فوجوده الدائم في ساحة البطولات سببه المباشر اهتمامه بالفئات السنية بقيادة الرجل المتمرس في هذا الأمر الأمير بندر بن محمد.
أما من يعتقد أنّ تلك الفئات تأثيرها على مستقبل الفريق بسيط ومحدود، ويعتقد بأنه في ظل عصر الاحتراف لم يعد لوجودهم تلك الضرورة، فسيعاني في المستقبل من الجفاف على صعيد الإنجازات، فالواقع الذي نعيشه يؤكد ذلك، وحال النصر خير دليل، فهل تصدق عزيزي الرياضي بأن نادياً عريقاً وجماهيرياً وصاحب إنجازات كالنصر لم يقدم خلال السنوات الماضية سوى سعد الحارثي فقط!! أمر كهذا يضع أكثر من علامة تعجب.في الأربع سنوات الأخيرة وتحديداً منذ تولي إدارة الأمير فيصل بن عبد الرحمن رئاسة النصر اختلف الأمر وأصبحت إدارة النصر تولي تلك الفئة اهتماماً أكبر، وقد ظهر أعضاء شرف وقتها يدركون تماماً بأنّ تدهور حال النصر يعود لضعف القاعدة فسخروا كل طاقاتهم المادية والبدنية من أجل ترميم القاعدة، وأذكر بهذه المناسبة تصريح رئيس النصر وقتها الأمير فيصل بن عبد الرحمن عندما قال ما يشغلني الآن إعادة صياغة الفئات السنية بعد أن كادت فئة الناشئين في تلك السنة أن تهبط لمصاف الدرجة الأولى، عندها بحث الأمير فيصل عن رجل متمرس يستطيع تغيير حال ناشئي الفريق وشبابه فكان الاختيار المناسب عندما سلم المهمة كاملة لناصر الكنعاني فعمل بكل إخلاص وتحرك في كل الاتجاهات باحثاً عن المواهب لدعم شباب النادي وناشئيه فكانت النتائج ممتازة، فدرجة الشباب حققوا أول بطولة استحدثها الاتحاد السعودي لدرجة الشباب وهي كأس الأمير فيصل لدرجة الشباب وصعد من بينهم الآن وبأمر المدرب باوزا عشرة لاعبين من المميزين للفريق الأول وعلى رأسهم إبراهيم غالب الذي استدعي مؤخراً للمنتخب من الموسم الأول له مع النصر.ما أريد أن أصل له هنا أن استقالة ناصر الكنعاني وكل من معه أمر مؤسف وخسارة كبيرة للنادي فالرجل قدم مجهوداً واضحاً يوحي بأنه كان هناك عمل، فقد تغير حال الفئات السنية وأصبح أعضاء الشرف يولونهم اهتماماً كبيراً فخرج من بينهم من تكفل بإرسال مجموعة منهم للبرازيل للتدريب في إحدى الأكاديميات المتخصصة لصقل مواهب النشء، وظهر أيضاً من تبرع بتجهيز ملاعب إضافية ومعسكر متكامل لهم بعيادة طبية حديثة، لهذا أنا أقول ابتعاد الكنعاني وكل من عملوا معه خسارة كبيرة فالجميع استبشروا خيراً ورأوا بأن مستقبل النصر سيكون حتماً أفضل من حاضره.
فالبناء كان أساسه جيداً بأسلوب علمي مدروس. لذلك الجماهير النصراوية تفاجأت عندما أعلنت استقالة ناصر الكنعاني وتبعه كل من كانوا تحت إدارته، فرجل قدم عملاً يفرض على إدارة الأمير فيصل بن تركي التأني في قبول استقالته مهما كان حجم البديل الذي سيخلفه في إدارة الشباب والناشئين بالنادي.
استقالة ناصر الكنعاني تركت أكثر من علامة استفهام عند الجماهير، وكذلك عدم التجديد لمدرب درجة الشباب السيد (ادقارد) ترك الأثر نفسه رغم النجاح الذي حققه مع شباب النصر، خلاف الأخبار غير الجيدة إن صدقت والمتمثلة في تعاقد النصر مع السويسري (كونز) مدرب ناشئي المنتخب السابق الذي أثبت فشله مع المنتخب طوال الفترة التي قضاها معهم، كلها أمور تحتاج لتوضيح فجماهير النصر من حقها أن تعرف ما يحدث في النادي وتبحث عمن يجيب على أسئلتها الكثيرة، لقد فرحنا كثيراً بوجود كوادر إدارية تحمل الفكر والعلم لكن صدمنا بعدم الشفافية وترك الجمهور بدون إجابة خصوصاً في أمر مهم كالفئات السنية بالنادي.
سلطان الزايدي / Zaidi161@hotmail.com