ينتشر هذه الأيام الكثير من المقالات أو الكتابات العشوائية التي تطال في غالبها أحاديث وتصريحات لمسئولي إدارات أو حتى وزارات خدمية كثيرة. تلك التصريحات التي لا تأتي في معظمها مع احتياجات الناس بشكل عام والأشخاص المعنيين بشكل خاص.
ففي الوقت الذي يشتكي معظم الناس من ارتفاع أسعار سلعة ما وما يعانونه من ويلات وكبد للحصول على السلعة بعد ارتفاع أسعارها، يأتي تصريح لمسئوول ما يثير من خلاله حفيظة أولئك المتضررين ما يجعلهم يتذمرون ويشتكون في الغالب عبر كتابات تلقى رواجاً وانتشاراً واسعا بين عامة الناس سواءً في صيغة رسائل للمحمول أو في مدونات إنترنتية خاصة، أو من خلال صفحات منتديات خاصة وعامة.
وآخرون متضررون من ضعف خدمة ما يسلكون ذات الطريق قبل وبعد التصاريح التي لا تضيف للمشكلة سوى تأجيجها وثبات لحالة عدم الرضا التي يعيشها الشارع.
مشكلتنا هي في غياب ثقافة مخاطبة العامة، في غياب أهم عناصر تطمين الناس في ما يمس احتياجاتهم اليومية أو الحياتية، غياب القرب من معاناتهم ومعايشتها فضلاً عن العمل وبشكل سريع وفاعل على إيجاد حلول لها.
كثيرة هي المشكلات التي يعانيها الناس اليوم سواءً فيما يخص عملهم أو معيشتهم أو وسائل حياتهم من نقصان في موارد المياه وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وانتشار البطالة وضعف القبول الجامعي ونقص عدد المصحات والمستشفيات ونقص عدد الأسرة وارتفاع أسعار العلاج وغيرها كثير مما يمس حياة الناس، وإن كان حجم الضرر يختلف من شخص أو عائلة لأخرى بحيث أن تلك المشكلات قد لا تمس الناس جميعاً لكن هناك من هو متضرر من بعضها أو معظمها أو واحدة على الأقل منها.
وباختلاف مسببات تلك المشكلات وأسباب وقوعها وأسباب عدم توقع حدوثها وانتشارها وباختلاف أساليب وطرق حلها ومعالجتها، يبقى أمر واحد غاية في الأهمية ويحتاجه معظم من تضرر من تلك المشكلات وهو مخاطبتهم والحديث إليهم والقرب منهم وسماعهم. ثقافة التصاريح غاية في الأهمية بحيث يمكن لتصريح أن يكون له مفعول السحر على الناس في تطمينهم وبعث الأمن الذاتي في نفوسهم، في حين يكون لغيرها ذات الأثر، لكن بشكل سلبي بحيث تؤجج الناس كما تُؤجج النار وتزيد الطين بلة، كما يقال.
لابد لنا إن أردنا أن نعالج مشكلة ما أن نبدأ قبل التخطيط للمعالجة بمخاطبة الناس والمتضررين تحديداً، نبعث في نفوسهم الطمأنينة والأمن ونهدّئ من روعهم، إن كانت المشكلة تمس معيشتهم، ونقدم لهم عبارات منتقاة بعناية فائقة وبلغة واضحة لا تقبل التأويل مفادها عزم ونية الجهة لحل المشكلة ولا يمنع أيضاً من ذكر الآليات التي سيتم اتخاذها في سبيل ذلك.
وإن أردنا أن نُشعل الموقف ونزيده تعقيداً ونرفع حدة الغضب في الشارع فلنترك الأمر دون مخاطبة المتضررين، أو أن يتم التصريح بعبارات غير واضحة أو بعبارات فيها الكثير من الغموض أو الاستفزاز.
إلى لقاء قادم... إن كتب الله.
dr. aobaid@gmail. com