على الرغم من أن خطاب الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) لم يأتِ بجديد على المستوى السياسي سوى التشديد على حل الدولتين، ودعوة حركة حماس إلى نبذ العنف وإسرائيل إلى وقف الاستيطان، إلا أنه لا يمكن أن نتجاهل ما ورد في الخطاب من معانٍ عميقة ولغة جديدة.
فالخطاب حمل قيماً سامية ومبادئ واضحة، مغايراً لما اعتاد المسلمون سماعه من قبل.
فهو خطاب مميز متزن بعيد عن الانفعالات الآنية، سواء صدر الخطاب عن قناعة وصدق، أو بداعي الضعف والانهزام، وهو ما أكده (باراك أوباما)، حين قال: (كثيرون سيشككون في مدلولات هذا التوجه الجديد، وأن التغيير لن يحدث، لكننا لو نظرنا إلى الماضي لن نتقدم، بل ستبقى الأمور كما كانت من دون تغيير).
لقد حمل الخطاب رؤية تقاربية وتصالحية في تعزيز التفاهم، وتقارب الأفكار بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي.
واشتمل الخطاب على فتح صفحة جديدة مع المسلمين، فكلمة (باراك أوباما) حملت اعترافاً ضمنياً بأن الإسلام محرك رئيس لمصير العالم، وأنه ليس دين تطرف وعنف.
كما حمل الخطاب ذهاب العنجهية الأمريكية التي عاشت لسنوات من منظور فوقي، فألحقت الضرر الكبير بشعبية أمريكا حول العالم، مما جعل الأمريكيين أقل أمناً في بلادهم وفي بقية أنحاء العالم، وتآكل المخزون المالي لأمريكا بسبب سياسات خاطئة ارتكبها (بوش)، وخرجت عن كل قيم العدل في التعامل مع الدول والشعوب، وفضحت زيف كل الشعارات والمثل التي كانت تتغنى بها، فعرت نفسها أمام العالم سياسياً وعسكرياً وفكرياً.
وهو ما سعى إليه (باراك أوباما) إلى تغيير الصورة النمطية عن بلاده في العالم الإسلامي، ويعلن عن شراكة قائمة على الاحترام والحوار وتحقيق مصالح الشعوب.
بقي أن أشير إلى أن: الترجمة الحقيقية لهذا الخطاب يجب أن تكون على أرض الواقع، من خلال إخراج المنطقة العربية من أزمات خارجية وداخلية حادة.
وإدراك أن الوقت لم يعد في صالح إسرائيل، وسياسات الاحتلال والتدمير والتوسع عن طريق ابتلاع الأراضي الفلسطينية ببناء مزيدٍ من المستعمرات، وفي العدوان والقتل والتهديد. فلن يكون هناك سلام، أو استقرار في المنطقة دون تسوية القضية الفلسطينية، ولن يتحقق ذلك دون إنهاء الاحتلال، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
drsasq@gmail. com