حضور جمالي جميل تم من خلاله تفعيل وتأكيد دور الفن التشكيلي وأهميته كرافد ثقافي يشيع البهجة والجمال إضافة إلى أدواره الأخرى التي لا تقل أهمية عن الجمال وهي كونه مصدرا من مصادر الثقافة والتعريف بالأمم وتراثها ومورثها وحضارتها عبر التاريخ وأنه راصد أمين لكل الحراك الثقافي والاجتماعي وصور الحياة وأنماط المعيشة والعلاقات الاجتماعية وحفظ الموروث الشعبي وتوثيقه والتعريف به للأجيال اللاحقة خاصة إذا ما عملنا أن هذا النوع من الثقافة لا يحتاج إلى (ترجمان) لأنه ليس محكوم بلغة، فاللغة هي الفن والمعايشة البصرية والتفاعل والقراءة وفق المعطيات المطروحة سواء من خلال اللوحة أو القطعة النحتية أو الخزفية أو المجسمات والتراكيب والأشكال الفنية أو خلاف ذلك من منجزات الفن.

تراءت لي كل هذه المعطيات عندما علمت بعزم أمانة مكة المكرمة على تنفيذ مسابقة ضخمة للجداريات متاحة لفناني كافة الدول العربية والإسلامية. مثل هذه الخطوة الجمالية لأمانة العاصمة المقدسة تأتي تعاطياً واستجابة جميلة لما سبق وأن طُرح في هذه المساحة حول أهمية إشاعة الجمال والمساهمة في ترسيخ ورفع الذائقة الجمالية في المجتمعات وهو الدور المهم الذي بإمكان كافة أمانات وبلديات بل والمجمعات القروية أيضاً والعمل على تطبيقه قولاً وعملاً يتم ذلك من خلال فتح جسور تواصل مع الفنانين التشكيليين في مناطقهم ودعوتهم للإسهام في جمال المدينة أو المحافظة أو القرية وفق قدرات ومعطيات تتفاوت هنا وهناك. جمالية هذا الطرح من أمانة العاصمة المقدسة هو إشراك هيئة استثمارية غالبية أعضائها من فنانين تشكيليين من الأسماء الحاضرة دائماً وبلا شك فإن إتاحة الفرصة للتشكيليين للمساهمة في ترسيخ الجمال وتنمية الذائقة البصرية هو مؤشر جميل خاصة وأن الفنان التشكيلي يظل هو الشخص الأكثر دراية ومعرفة بكوامن وأسرار الجمال وهو القادر أيضاً بما يملكه من خبرات فنية وتقنية واحترافية أن يضيف الشيء الكثير لنجاح مثل هذا الحراك الجمالي.

تحية كبيرة لأمانة العاصمة المقدسة على هذه المبادرة الجمالية الرائعة ممثلة بالمهندس البار ومساعديه. وتحية أيضاً للفنان التشكيلي صديق واصل على مساهمته في تبني وطرح مثل هذه الأفكار الجمالية الرائعة.

أملي أن تبادر البقية من أمانات وبلديات المدن في التجاوب مع كل الأطروحات التي تصب في قالب البحث عن الجمال وإشاعته في كل مرافق المدن.