هكذا تبدأ الثورات وعمليات التغيير التي تحدث في الدول التي تُحكم من قبل الأنظمة الشمولية؛ فقد تفجر حادثة بسيطة وتستفز الجماهير؛ فتنطلق كالسيل الهادر لتزيح كل مَن يقف في طريقها، وقد تستغل قوى معارضة نائمة حدثاً ما؛ فتتدخل ويتطور الأمر؛ ليحدث التغيير في النهاية.
والأحداث التي تشهدها إيران هذه الأيام، بعد إعلان نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية، تجمع بين هذا وذاك؛ فبعد احتجاج ثلاثة من المرشحين على عمليات تزوير جعلت من الرئيس أحمدي نجاد (المرشح الرابع) رئيساً بأغلبية كبيرة.. وبعد إعلان النتائج، اندلعت التظاهرات والاحتجاجات، وشهدت شوارع طهران مظاهرات احتجاجية ذكَّرت الإيرانيين بما كانت عليه شوارع طهران إبان ثورة الخميني، وأثارت القلق لدى أوساط النظام ورموزه وحتى بين المعترضين على نتائج الانتخابات الذين حذروا (ولي الفقيه) من تطور الأمر لإزاحتهم جميعاً من قبل الشعب، ما لم يتم معالجة الأمر واستيعاب ثورة المحتجين!!
وهذا معنى قول رفسنجاني رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الخبراء في مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي حذر خامنئي في رسالة بقوله: (البراكين سوف تتطور وتطيح بنا).
وفعلاً تفجرت البراكين في شوارع طهران وسالت الدماء وسقط قتلى متظاهرون برصاص الحرس الثوري، وهذا ما دفع ولي الفقيه إلى الطلب من مجمع تشخيص مصلحة النظام إلى إعادة فرز أصوات الناخبين وعدها من جديد؛ علهم يجدون ما يرضي الجماهير الغاضبة التي تواصل تظاهراتها مستمرة فيما يزداد الحرس الثوري (تنمراً) وشراسةً من خلال قمعه - بشدة مفرطة - للمتظاهرين. ويستذكر الإيرانيون أن كل المتداخلين في العملية الانتخابية، سواء أحمدي نجاد أو مير حسين موسوي، وطبعاً محسن رضائي وكروبي، لا يمكن أن يتجاوز الخطوط الحمراء، وهو التعرض ل(قدسية) ولي الفقيه؛ لذلك فإنهم لا يزالون يمارسون معارضتهم ضمن توجيهات ولي الفقيه..!!
وهو ما يستذكره الإيرانيون لما حدث عام 1999م عندما استجاب خاتمي لأوامر خامنئي وقمع انتفاضة الطلاب.
أما الجماهير فقد خرجت عن سيطرة المرشحين الخاسرين؛ فالهتافات تتعالى مطالبةً بسقوط (الدكتاتور).. والدكتاتور هنا يرمز إلى ولي الفقيه؛ لذلك فإن قوات الحرس الثوري قد استشاط أفرادها، وقبل ذلك قادتها، غضباً، ووجهوا نيران رشاشاتهم إلى صدور المتظاهرين يومي الاثنين والثلاثاء.