اللجان العاملة في الغرفة التجارية والصناعية في المملكة هي لجان تطوعية يرشح لها مجموعة من رجال الأعمال يحضر من يشاء ويغيب من يشاء دون حساب، فالتطوع هنا هو التطوع غير الملزم حسب ثقافتنا، وهي لجان تُبصٍر قضايا ومشاكل القطاع الذي تمثله دون أن تصل إلى درجة البصيرة لأنها لجان بلا موازنات لا تستطيع أن تُكلٍف مكاتب استشارية متخصصة لدراسة وتحليل وتشخيص القضايا أو المشاكل التي تتصدى لها ما يضعف موقفها أمام الأجهزة الحكومية المنظمة أو المراقبة؛ لأن ما تطرحه عادة لا يتعدى الانطباعات أو الأهواء الشخصية على اعتبار أن الطرح من جهة ذات مصلحة قد يعتريه ما يعتريه من العاطفة التي إذا زاد وزنها في المقترح على حساب العقل أفسدته.
وغياب البصيرة التي جعلت الكثير من لقاءات أعضاء هذه اللجان مع الوزراء والمسؤولين لقاءات بروتوكولية إعلامية أكثر منها لقاءات فاعلة ليست المشكلة الوحيدة التي تعاني منها هذه اللجان، حيث تعاني من قِصر اليد أيضا ما يجعلها عاجزة عن تنفيذ ما تقترحه من برامج أو أنشطة تنفيذية بما في ذلك الأنشطة الفكرية من ملتقيات أو مؤتمرات أو منتديات أو حتى ورش عمل بالشكل اللائق والفاعل، وهو ما جعلها لجانا تتسول الرعايات لأنشطة فكرية غير مقنعة، لأنها لا تستند إلى بصيرة بقدر ما تستند إلى آراء ومرئيات وانطباعات شخصية.
أحد الإخوة أطلعني على طلب أرسلته إحدى هذه اللجان لشركته تطلب فيه عرضا علميا وفنيا وماليا وتسويقيا لنشاط فكري مقترح تريد هذه اللجنة تنفيذه، ولاشك أن طلبا بهذا الحجم من شركة صغيرة يقول إن هذه اللجنة تشكل مشكلة بحد ذاتها؛ حيث إنها تُحمل الشركات الصغيرة ما لا تحتمل بدلا من أن تدعمها، حيث تطلب تخطيط وتسويق وتنفيذ منتدى لم تصرف عليه ريالا واحدا سابقا كمصاريف تأسيسية لكي يصبح نشاطا جاذبا للرعاة فيما بعد، ولكنه واقع يثبت أنها فعلا لجان (بعين تُبصِر ويد تَقصُر)، ما لم تعالج أوضاعها بحلول منطقية قابلة للتطبيق.
وللحقيقة وبعد أن التقيت بأكثر من رئيس تنفيذي لشركات قيادية تعمل بعين بصيرة ويد طويلة بما تتمتع به من فكر متطور وقدرات مالية وجدت أن أغلب القائمين على هذه الشركات يتعاملون مع هذه اللجان من باب المجاملة؛ لأنهم على يقين أنها لجان وجاهة سطحية لا تصل لعمق القضايا والمشاكل التي تواجه القطاع الاقتصادي الذي تمثله لأنها ببساطة بلا موازنات تمكنها من الوصول إلى عمق الحقيقة بالشكل الذي يجعلها مقنعة فيما تطرح وتقترح، كما أنها تفتقد لمنهجية علميه في معالجة القضايا والمشاكل، وإن لم تعالج هذه اللجان مشاكلها أقول للعاملين في كافة القطاعات الاقتصادية حلوا مشاكلكم بأنفسكم فهذه اللجان ينطبق عليها القول الشائع ( فاقد الشيء لا يعطيه).
****
alakil@hotmail.com