حينما اطلعت على مقال نُشر في موقعي الذي أشرف عليه (أوفاز) عن الشاعر الإسلامي الراحل (يوسف العظم) شعرت بما حدث مني من تقصير كبير في حق شاعر الأقصى؛ حيث لم أكتب عنه شيئاً لأذكِّر شداة الأدب ومحبيه من أجيالنا الناشئة بمسيرة شاعر من شعراء الأمة عاش أكثر من سبعين عاماً معاصراً لقضايا أمته ومشكلاتها، متفاعلاً معها، معبراً عن آمالها وآلامها. وقلت في نفسي: إن ناقل المقال إلى موقعي قد نبهني إلى هذا التقصير من حيث لا يشعر، أو من حيث يشعر، وشكرته وهو لا يدري؛ إذ وضع أمامي معالم واضحة لسيرة يوسف العظم - يرحمه الله -.
|
لقد التقيت هذا الشاعر الكبير لقاءات ثلاثة، أما اثنان منها فقد كانا في مدينة الرياض، وأما الآخر فقد كان في منزله في الأردن (عمّان) بعد أن بلغني سلامه أحد الشعراء الذين حضروا الأمسية الشعرية التي أقيمت لي هناك قبل سنوات.
|
وفي اللقاءات كلها لم يكن ليوسف العظم حديث إلا عن القدس وفلسطين، وأجيال الإسلام في أنحاء العالم الإسلامي، والمسيرة الإعلامية المعتمة في معظم ما تبثه من موادّها الإعلامية المنوّعة.
|
لقد كان يعاني من وعكة صحية شديدة حينما زرته في منزله في عمّان، ولكنه جالد المرض وجاهده، وقال لي باسماً ملاطفاً: الآن بدأت أشعر بروح العافية تدب في جسدي حينما رأيتك، ولم يكن له كلام بعد السؤال عن الصحة والحال إلا عن تربية الأجيال، وخطورة الوضع في هذا العصر الذي يشوش عقول الكبار من البشر، فكيف بالصغار؟!
|
يوسف العظم الذي ولد في معان بالأردن عام 1931م وتوفي في عمّان عام 2007م كان علامة بارزة في مسيرة الثقافة الإسلامية، والأدب الإسلامي شعراً ونثراً، وسيظل كذلك - بإذن الله - بما ترك من تراث علمي وثقافي وأدبي زاخر. ولو لم يكن له إلا سلسلة (مع الجيل المسلم) المكونة من ستة عشر كتاباً، تتضمن منهاجاً تربوياً خاصاً بالأطفال، لكانت كافية في بقاء ذكره الجميل في العالمين، وإنا لنرجو أن يكون قد لقي الجزاء الحسن عند الله على ما قدم من فكره النير، وأدبه الأصيل.. وفي هذه السلسلة نجد عناوين (مع الجيل المسلم) و(مشاهد وآيات للجيل المسلم) و(أدعية وآداب للجيل المسلم) و(ديار الإسلام للجيل المسلم) و(أين محاضن الجيل المسلم).
|
أما كتابه القيّم (رحلة الضياع للإعلام العربي المعاصر) فهو جدير بالقراءة لمن أراد أن يعرف كيف يستقرئ الكاتب المسلم الأحداث، ويبني عليها النتائج، ويضع ما يراه مناسباً من الحلول، خاصة أن للشاعر يوسف العظم علاقة مباشرة بالإعلام؛ حيث رأس تحرير صحيفة (الكفاح الإسلامي) فترة من الزمن، وشارك في ندوات ولقاءات إعلامية في أكثر من بلد، وهو في حديثه عن تربية الأجيال ينطلق - أيضاً - من تجربة عملية لأنه أنشأ (روضة براعم الأقصى) ثم حولها فيما بعد إلى (مدارس الأقصى) التي لا تزال تقوم بدورها في التربية والتعليم إلى اليوم.
|
يقول أحد أقاربه: بعد ظهر يوم الاثنين 30-7-2007م فرح الشاعر يوسف العظيم فرحاً كبيراً حينما أذن له الطبيب بالوضوء، فتوضأ أحسن الوضوء، ووقف بين يدي ربه يصلي فتوفي وهو في صلاته - يرحمه الله - نعم، توفي شاعر الأقصى وهو يصلي.
|
|
ربّاه إني قد عرفتك خفقَةً في أضلعي |
وهتفت باسمك يا له لحناً يرنّ بمسمعي |
|
|