يستحق خطاب أوباما كل هذا الجهد، فهو الأول الذي يلقيه بين يدي العالم العربي والإسلامي، وعليه ستتحدد أوليات الانطباعات بين أوباما وهذه المنطقة التي يتمأسس عليها استقرار العالم سياسيا واقتصاديا.
لم يتعاون المستشارون على كتابة الخطاب ومضامينه الهامة، بل تجاوزا ذلك إلى لغة الجسد فقد تلقى أوباما تدريبا على لغة الجسد المصاحبة لكل مفردة قالها حتى تحقق التأثير المراد بلوغه، الالتفات والسكنات وتعبيرات الوجه وحركة اليدين، كلها علوم ومعارف ومهارات اتصالية هامة ترافق خطابات مهمة مثل هذا النوع.
تضمين الخطاب معاني قيمة من القرآن الكريم كالتسامح والسلام، وتأكيد أوباما على ما قدمه الإسلام للبشرية ووعوده بأن يوقف استيطان إسرائيل في الأراضي العربية وإصراره على أن لا خلاف بين أمريكا والإسلام ومطالبته بأن تنتهي دوامة التشكيك بين الجانبين، تلك مضامين هامة ترسم معالم علاقة جديدة بين العرب وأمريكا حتى لو لم ترحب بها بعض الاتجاهات التي يسيطر عليها التشاؤم من قدرة أمريكا على اتخاذ موقف جرئ مع إسرائيل، وقد تكون بعض مبرراتهم مقبولة (فالمقروص من الداب يخشى الحبل)، لكننا أمام خيار الفأل، وأمام خطاب يحمل مضامين تبعث على الفأل، ولنمد أيدينا بقد ما يمد الآخر يده لنا، ولنرَ!
حين أجول بفكري على مستوى أقل من المسؤولين لأتفكر في علاقتهم مع الخطاب الجماهيري على المستوى المحلي، تجده يتحدث مرتجلا وكأنه في بيتهم، وبعض الوزراء ومن هم في رتبتهم أو أدنى قليلا يتحدثون أكثر مما يفعلون ويا ليت حديثهم يحمل مضامين مفيدة أو قيمية بل هي تخبطات متوالية، تظهر عدم المبالاة بالرأي العام وانطباع الجمهور، ويعتبرون أن استفزاز الرأي العام شجاعة لا تبارى.
أقترح تقديم دورات للمترشحين لمناصب وزارية أو ما يعادلها في مهارات الاتصال والتأثير الجماهيري، فالقبول الجماهيري يختصر الوقت والجهد لتنفيذ الأفكار الجديدة وإحداث التغيير المنشود وإنفاذ الخطط التنموية.
قلة من مسؤولينا الذي لديهم مستشار إعلامي وأغلبهم لديهم موظف علاقات عامة بقدرات هشة لا يجيد إلا نفي الأخبار الصحفية!!