تقرير وتصوير - قبلان محمد الحزيمي
امتدت أيادي البذل والعطاء إلى كل شبر من أرض الوطن، ونعم بها كل مواطن أينما حل وكان، ووصلت خدمات حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز إلى عمق الصحراء حيث أبناء البادية، ولم تثن الصحاري الواسعة التي تشكل معظم جزيرتنا العربية برمالها وجبالها وأوديتها وسهولها من وصول التنمية الشاملة إليهم والاستثمار في الإنسان السعودي، إدراكاً من قيادتنا الرشيدة أن الاستثمار الحقيقي لهذه البلاد هو في أبناءها منذ أن وطن قواعدها الراسخة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - الذي وجه بتوطين البدو الرحل في 24-12-1953م وأوكل الأمر إلى ابنه الأمير سلطان حينذاك، كمشروع تنموي اجتماعي يسعى إلى تحديث الحياة داخل نظام الدولة، وتواصلت أيادي البذل والعطاء حتى عصرنا الزاهر والذي تعددت فيه خدمات حكومتنا الرشيدة لأبناء البادية من دعم مباشر وغير مباشر وتشجيع منقطع النظير للنشاطات الإنسانية لما تضمه الصحراء من ثروات هي جزء من اقتصاد بلادنا ومنها الثروة الحيوانية لجعل تلك الصحراء بوابة من بوابات الاستثمار والإنتاج خاصة إذا ما علمنا أن المراعي في المملكة تبلغ مساحتها 170 مليون هكتار.
دعم الشعير
في سنين الجدب وقلة الأمطار وفي فترة الجفاف التي أثرت على كافة مناطق المملكة وتزايد معاناة أبناء البادية، صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين العاجلة على الحفاظ على أسعار الشعير المستورد بأسعار تتناسب وقدرات وإمكانيات شريحة هامة من أبناء شعبه من أهل البادية ومربي الماشية الذين مازالوا يحترفون هذه المهنة في مصدر معيشتهم، هذه الفئة التي ظلت تلقى الدعم والمساندة من الملك شخصياً منذ كان ولياً للعهد حيث وصل الدعم في فترة مضت إلى رفع قيمة دعم الشعير المستورد إلى (1200) ريال للطن الواحد برغم أن فاتورة هذا الدعم السخي سوف تسجل مليارات الريالات سنوياً، حيث تستورد السعودية قرابة 7 ملايين طن من الشعير سنويا تمثل نسبة كبيرة تلامس نصف إجمالي تجارة الشعير العالمية وفق الإحصائيات الدولية.
ويتمثل دعم حكومتنا الرشيدة للشعير ضمن سياق سلسلة من الإعانات التي قدمتها الدولة في أوقات متفاوتة متفاعلة مع كم الاستهلاك العالمي وتزايد الأسعار، إذ انطلقت الدولة رعاها الله في دعمها من 200 ريال للطن ممتداً إلى 420 ريالا، مروراً بدعمها بواقع 700 ريال لتقفز به إلى 1200 ريال ثم تعود لخفضه بما يتناسب وأسعاره العالمية، ليصل إلى 750 ريالا وتعديل الإعانة لـ 17مدخلا علفيا، ودعم صناعة الأعلاف محليا، مما أنعكس على أسعار كافة منتجات الأعلاف الأخرى ومنها الأعلاف الخضراء واليابسة بما يتناسب مع المنتج والمستهلك في نفس الوقت.
تعويض المتضررين
لن ينسى أبناء البادية تلك الوقفة الأبوية العاجلة من ملك الإنسانية حينما أعلن في الأيام الأولى من كارثة نفوق الإبل عن تعويض جميع المتضررين في بادرة ملكية سامية خففت على الفور من مصابهم في أغلى ما يملكون وكان توجيهه يحفظه الله حينذاك كالبلسم على موضع المرض، ليتَباشرَ أصحاب الإبل النافقة بصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - بتعويض المتضررين من أصحاب الإبل النافقة بمبلغ 20 ألف ريال عن كل رأس مساعدة لأبنائه المواطنين أصحاب الإبل النافقة نتيجة تناولها أعلاف النخالة في المناطق التي حدثت فيها الحالات وقد بلغت تلك المساعدات 73.380.000 ثلاثة وسبعين مليوناً وثلاثمائة وثمانين ألف ريال مقابل 3.669 رأسا من الإبل النافقة، وقد جاءت التوجيهات السديدة من صاحب القلب الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ملك الإنسانية وصاحب العطاء والأيادي البيضاء التي لامست أبناء شعبه في وقت ضاقت عليهم معيشتهم بفقدهم مصدر رزقهم بتعويض أبنائه المتضررين بمبلغ اعتبره أصحاب الإبل حينذاك مبلغاً مجزياً ولفتة أبوية حانية وغير مستغربة من ملك نذر نفسه لخدمة الإنسانية جمعاء وهي امتداد لحرص خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على تلمس كافة احتياجات المواطنين ورعاية مصالحهم والوقوف معهم في السراء والضراء، وقد عبروا بأساليبهم المتعددة شيباً وشباناً عن شكرهم ودعائهم بأن يحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وأن يبقيهم الله ذخراً لأبناء شعبهم فقد شهدوا على مرأى من العالم مراعاة ولاة أمرهم لظروفهم وكل ما يمس مستوى معيشتهم ورفاهيتهم وما يلحق بهم من أضرار وتعويضهم التعويض المجزي الذي أعاد لهم الأمل وشق لهم طريقهم من جديد، في دلالة واضحة على ما يوليه ولاة أمرنا - يحفظهم الله - من رعاية واهتمام بكافة أبنائهم المواطنين وتلمس احتياجاتهم في جميع مناطق المملكة.
وفي بادرة أخرى أعلن صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز آل سعود رئيس هيئة البيعة وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران بالتبرع بعدد من خيار أبلهم للمتضررين، تلمساً من سموهما يحفظهما الله في التخفيف على المتضررين من أبناء البادية وإدخال البهجة والسعادة على نفوسهم بعد تلك الكارثة التي أصابت إبلهم، وقد لاقت تلك اللفتة الحانية ترحيباً من كافة المتضررين وكان لها أكبر الأثر في التخفيف من مصابهم.
مهرجان مزايين الإبل
وفي رعاية أخرى بأبناء البادية يرعى صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود رئيس هيئة البيعة المهرجان السنوي لجائزة الملك عبدالعزيز لمزايين الإبل في أم رقيبة، والذي ساهم مساهمة كبيرة في رفع معنويات أهل الإبل والمهتمين بها وشجعهم على اقتناء وحفظ السلالات النادرة من ابل الجزيرة العربية ودفع العديد من أصحاب رؤوس الأموال إلى دخول عالم المربين وانعكس ذلك على أسعار الإبل بشكل عام في (كرنفال) سياحي فريد من نوعه وتظاهرة من مظاهر التراث الوطني الأصيل وتشجيع وإحياء للسياحة الصحراوية لتكون وجهة سياحية ذات طابع مختلف خصوصا بعد أن أعطيت الهيئة العليا للسياحة دوراً مهما في التنظيم والتخطيط وتنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والتراثية التي تحاكي طبيعة الصحراء والمهرجان بشكل خاص، وتنظيم السوق الشعبي.
ويهدف المهرجان وفق ما يؤكده دائماً صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز رئيس هيئة البيعة رئيس اللجنة العليا المنظمة لمهرجان جائزة الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل إلى الحفاظ على موروث الآباء والأجداد والعناية بالإبل لمكانتها في جزيرة العرب منذ فجر الإسلام ولمكانتها لدى مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وتشجيع ملاكها على المحافظة عليها بدعم وتشجيع كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين مما مكن هذا المهرجان من الاستمرار والنجاح والتميز وهو ما يعكسه الإقبال الكبير بالمشاركة والحضور، كما ويهدف المهرجان إلى تكريس الوحدة الوطنية بعيداً عن النعرات والعصبيات القبلية باعتباره أكبر مهرجان مزاين يجمع أبناء الوطن في بوتقة واحدة وينبذ الفرقة والشتات ويحارب النعرات.
من جانبهم فإن ملاك الإبل والمهتمين بها والمولعين بها هم الأكثر سعادة بالمستوى الذي وصل إليه المهرجان والذي صار حديث الناس قبل وأثناء وبعد المهرجان من كل عام وحظي بالاهتمام الأكبر في مجالسهم وتناقلوه إلى كل مكان، وكان له حضوره البارز في وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية.
تشجيع المهرجانات الشعبية
وكما هو الحال في مهرجان الملك عبد العزيز لمزايين الإبل تدعم دولتنا الرشيدة من خلال الهيئة العليا للسياحة مناشط أبناء البادية من خلال مهرجانات الربيع في عدد من المدن والمناطق ومنها على سبيل المثال لا للحصر مهرجان النعيرية الربيعي ومهرجان الربع الخالي الربيعي ومهرجان حائل السياحي لتراث الصحراء ومهرجان الغضا بعنيزة وغيرها الكثير والكثير، في دعم للمناشط والحرف وتسويق للإنتاج الذي يخرج من الصحراء.
سباقات الهجن
دعمت حكومة خادم الحرمين الشريفين كل أنواع الرياضة ومنها سباقات الهجن التي يتبارى خلالها أبناء البادية ويحيون تراثهم ووسائل تنقلهم وترحالهم من خلال عدد من المهرجانات ومنها المهرجان السنوي بالجنادرية والمهرجانات المماثلة بالمناطق والمحافظات.
حفر الآبار وتوفير المياه
لا تكاد تتجه إلى موقع من مضارب البادية إلا وتقابلك آبار المياه وأحواضها الملآنة بالمياه العذبة وبجوارها (أشياب) لتعبئة صهاريج المياه بكافة أحجامها، بإشراف مباشر ومتابعة مستمرة من أجهزة الدولة المعنية وتزويدها بكافة المكائن والآلات والوقود وخدمات الحراسة والصيانة.
ومن أبناء البادية من يقطن بجوار تلك الموارد قريباً من خدماتها خاصة في فصل الصيف الحار ومنهم من ينزح عنها قليلاً ليرد إليها بصهاريج كبيرة لسقيا أنفسهم ومواشيهم، بخلاف تلك الآبار التي تم حفرها وتزويدها بالمكائن والخزانات الكبيرة وشبكات المياه في الهجر التي استوطنها أبناء البادية ووفرت حكومتنا الرشيدة بها كافة الخدمات، وألسنتهم جميعاً تلهج بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين وحكومتهم الرشيدة على توفير أرخص موجود وأغلى مفقود وهو الماء في قلب الصحراء.
كما دعم أبناء الأسرة المالكة الكريمة من أصحاب السمو الأمراء حفر الآبار الارتوازية وإنشاء السدود في مناطق البادية رغم تكاليف الحفر والتشغيل والصيانة وصعوبة التضاريس في تلك المواقع، ولكنه حب الخير لأبناء شعبهم الذي يبادلهم الحب والتقدير والولاء والسمع والطاعة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ها هي آبار صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز الخيرية تتوزع في صحاري نجد ووادي الدواسر، مزودة بكافة وسائل التشغيل من مكائن وآلات متطورة في تحليه المياه للاستهلاك الآدمي في مواقع شحت فيها المياه العذبة، ويحرص سموه الكريم على تدشين كل بئر جديد والوقوف بنفسه على بداية تشغيله وآلياته ومتابعة الآبار الأخرى وما تقدمه من خدمات جليلة لتك الفئة الغالية من أبناء شعب المملكة العربية السعودية.
تعليم وتوعية ومحو أمية
انتشر التعليم بالمدارس في جميع القرى
والهجر وبجميع المراحل وفتحت مدارس تعليم الكبار المسائية وانطلقت حملات التوعية ومحو الأمية والتي هي جزء من مشروع تنفذه وزارة التربية والتعليم في إطار مشروع (مجتمع بلا أمية) ويستهدف السكان الغير مستقرين من البدو الرحل والذين لا يمكن تقديم خدمات تعليمية ثابتة لهم فيقدم لهم خلال فترة من الزمن برامج متعددة تعليمية وتوعوية وصحية ودينية واجتماعية وثقافية وبيئية يشارك في تقديمها عدة قطاعات حكومية كما يقدم للمستهدفين حوافز مادية وعينية تسهم في الرفع من مستواهم المعيشي وتدفعهم للاستمرار في البرامج.
وقد بلغ عدد تلك الحملات حتى هذا العام 2009م (55) حملة قدمت خلالها 40626 خدمة تعليمية وتثقيفية و90976 خدمة طبية و43325 خدمة اجتماعية و195353 خدمة بيطرية.
الخدمات الاجتماعية
امتدت أيادي الخير والبذل والرعاية الاجتماعية من حكومتنا الرشيدة إلى حيث المحتاجين حتى وإن كانوا خلف الكثبان الرملية أو وفي أعالي الجبال أو في بطون الأودية، وتقديم المعونات المادية والمساعدات العينية اللازمة لتوفير الحياة الكريمة لهم، ومن ذلك معاشات ومساعدات الضمان الاجتماعي للمستحقين وأسرهم مع ربط جميل بين صرف ذلك الدعم مع الحرص على توفير خدمات التعليم والثقافة لأبنائهم، في نظرة شاملة من قيادتنا الرشيدة.
ولن ينسى المواطنون جميعاً وأبناء البادية خصوصاً الوقفة الأبوية الحانية من ملك القلوب إبان موجة البرد والصقيع في العام الماضي وتوجيهاته - يحفظه الله - العاجلة لوزارة المالية بصرف المساعدات العينية والمالية للمتضررين والتي شملت الصغير والكبير وسط دعاء حار منهم بأن يحفظ قائد المسيرة وحكومته الرشيدة.
كما وتقدم الدولة رعاها الله القروض الميسرة من خلال بنك التسليف السعودي في قروض الزواج والقروض الاجتماعية للمتقدمين من أبناء البادية وتيسير إجراءات تلك القروض بما يتناسب ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
الخدمات الصحية
وفرت الدولة رعاها الله خدماتها الصحية في بلادنا من خلال مراكز الرعاية الأولية في القرى والهجر التي تتوسط مواقع البادية في صحاري الشمال والغرب وفي الدهناء والصمان ونجد والربع الخالي وفي أعالي جبال الجنوب وفي كل موقع من بلادنا يوجد به الإنسان كما هو الحال في المدن والمناطق، مع تكثيف الجانب الوقائي والتوعوي، فاستبدل أبناء البادية التداوي بالأعشاب والكي بالنار بمراجعة تلك المراكز والعلاج الطبي المتقدم من خلالها ومن خلال المستشفيات المنتشرة في كافة مناطق المملكة.
كما وتخرج فرق الرعاية الصحية لسبر أجزاء مختلفة من الصحراء لتقديم الرعاية الطبية والتوعوية من خلال الحملات المتنقلة التي تتلمس كافة احتياجات المواطنين.
الخدمات البيطرية
بتوجيهات سديدة من قيادتنا الرشيدة أولت وزارة الزراعة اهتمامها بأبناء البادية ومربي المواشي من خلال توفير الخدمات البيطرية عبر عدة قنوات مختلفة منها العيادات المجهزة بمديريات الزراعة والتي تقدم خدمات العلاج والوقاية من كافة الأمراض التي تصيب الحيوانات، كما شرعت في تسيير عيادات بيطرية متنقلة مجهزة بالأدوية الضرورية للكشف والعلاج في مختلف مواقع الماشية في البلاد في مسعى لتوفير خدمات بيطرية متكاملة.
فتم خلال الفترة الماضية تسيير قافلة تضم أكثر من 30 سيارة مبردة لنقل وحفظ اللقاحات والأدوية البيطرية، وذلك انطلاقا من توجيهات القيادة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين العاملين في مجال الثروة الحيوانية.
ووفق مختصين فإن خطوة الوزارة الجديدة تعد نقلة نوعية في تقديم الخدمات البيطرية لمربي الماشية إدراكا منها بأهمية الوصول إلى أماكن تواجد الثروة الحيوانية بكثافة عالية في مناطق المملكة.
وفي هذا الصدد, كانت للوزارة مشاركة في مهرجان أم رقيبة لمزاين الإبل ال ذي أقيم أخيرا تحت رعاية الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، حيث تم تقديم هذه الخدمة ضمن جهود وزارة الزراعة الهادفة إلى المحافظة على سلامة الثروة الحيوانية وتنميتها.
وتتوزع المحاجر (الحيوانية) على منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية وتتولى تطبيق أنظمة ولوائح الحجر الحيواني في مجالات الكشف والفسح لدخول وخروج المنتجات الحيوانية المختلفة حفاظاً على سلامة الإنسان أولاً ثم المحافظة على الثروة الحيوانية الموجودة بالمملكة.