لعل من أميز سمات الحركة الاجتماعية الحديثة بيننا نمو ظاهرة الحوار المفتوح , فبينا هي سمة بشرية تقوم عليها علائق الإنسان بالإنسان , في أشكالها التلقائية في الجلسات الأسرية وبين الأصدقاء والمارة , وتأخذ شكلاً منظماً في مكاتب الأعمال بمختلف المؤسسات الوظيفية, في لقاءات المعالجة لموضوعاتها الموسومة (بالاجتماعات , أو المجالس , وتأخذ شكلاً آخر في نهايات اللقاءات المنبرية بموضوعات مجالاتها العديدة , فإنها غدت شكلاً منظماً مدروساً ممنهجاً حين فتح لها دائرة خاصة قائد البلاد - رعاه الله - واتخذ لها مسمى هو ( الحوار الوطني) بغية أن تتم في هذا الإطار معالجة قضايا المجتمع الملحّة للوصول إلى قناعات , وتقريب آراء , والخلوص بنتائج تعديل , وإضافة , بل تغيير.., ولم تكن هذه الخطوة عابرة , بل هي بصمة نور تسجل في شمس نهضة البلاد , وعلائق العباد , وتعود للمبدأ الرئيس في منهج هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما كان يعقد أمراً دون خلفائه وصحبه إلاّ ما كان من أمر الوحي , وقد حفز فيهم بُعد النظر, وحكمة العقل , ووطَّنهم على رجاحة الفكر, والتدرُّب على تقوية الجنان , وعصمة النفس عن الإيثار برأي خاص , أو الحمية لذات بعين, أو النصرة لموقف إلاّ ما كان فيه صالح البشر من أفراد المسلمين , خاصّتهم في أمته, وعامّتهم فيمن يبعد عنهم , ومن هنا فالسلوك الموطِّد لقيمية الحوار, وفتح أفق تبادل الرأي , وتقريب الآراء والأخذ بمعقد الأجدى منها أمر يسجّل لتجربة الحوار في هذا العهد النيِّر , لخادم الحرمين الشريفين فله يد السَّبق فيه إشاعة , وتنفيذاً , وتمثيلاً.., ويبقى لمن يقومون على أمر هذا الحوار, ومن يشاركون فيه , ومن يقررون موضوعاته , ومن يقرُّونها , شأن نتائجه.. ولعل المستقبل سيكون أكثر كشفاً لما تأتي به في كفة الصالح وما تنبذه مما عداه.. وإنها لفرصة لتسجيل التقدير لهذا النهج القيِّم في تحديثات الملك عبدالله - حفظه الله - في هذا التاريخ... ولعل التفكر في أهمية منهج الحوار ما يؤكد إشراعه أعانه الله وسدد خطاه لبوابة نور وخير , وتطوير وإضاءة , وتغيير لما هو أنفع وأجدى... عسى أن يأخذ الله بيديه ويحقق آماله , وينفع بكل رأي يأتي عن هذا النهج الحكيم.