إن البيعة التي تمت لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ومضى عليها أربع سنوات لتؤكد للجميع ما نحن فيه من نعم عظيمة، من اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب، وتماسك البنيان، ورعاية المصالح، وتحت قيادة حكيمة متفقة وموفقة، سارت منهج الإسلام، وطريقة السلف في الحكم والتحاكم والعمل والتعامل.
وخلال هذه المدة الوجيزة بارك الله في حياته ووفقه وقدم فيها خادم الحرمين الشريفين إنجازات عظيمة في كل الميادين، فاقت كل تصور، ونالت إعجاب كل مشاهد، من أعمال تشرح الصدور، وتبهج الخواطر، وترفع راية الإسلام، وتعلي من مكانة المسلمين في كل الأرض؛ ففي المحافل الدولية كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فارسها فيما يلقي من كلمات ويقرر من معان ويقترح من آراء؛ فقد منحه الله في كل خطاباته رأياً سديداً وتدبيراً حكيماً وهمة عالية.
فقد سما بأمة الإسلام إلى شرفات العلا، وربا بها إلى مراقي العز والمجد، وسار بها إلى منهج الوسط والاعتدال، المستقى من نور الوحيين الكتاب والسنة؛ فجعل الله له القبول عند الناس في الأرض، وسعى إلى بث رسالة الإسلام بما فيها من الرحمة والإحسان؛ انطلاقاً من قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، ولا أدل على ذلك من الدعوة إلى الحوار الهادف والنقد البناء المبني على أصوله الصحيحة، كما جاءت في القرآن والسنة، وأصّل معاني الحوار في الوصول إلى الحق ولزومه والسير على دربه في كل الوجوه.
كما وقف خادم الحرمين الشريفين في وجه الفساد والمفسدين وقطع دابرهم، ودفع شرهم عن العباد والبلاد، بما منحه الله من حكمة وحنكة، وعزيمة صادقة، وكفاية ظاهرة، في الذب عن الدين، والدفاع عن الوطن وأهله؛ فالإسلام ينبذ الاعتداء ويحارب الفساد بكل أنواعه وصوره ويقمع المفسدين من انتشار فسادهم.
كان خادم الحرمين الشريفين يعيش حياته في هم لإعزاز الدين، وبيان فضله وسماحته، ورفعة الوطن والاهتمام بالمواطن في كل ميادين الحياة ووسائل المعيشة، وكان (الوطن والمواطن) همه الأكبر وشغله الشاغل؛ لأنه يدرك الأمانة التي تحملها والمسؤولية التي تولاها؛ فقدم لهذا الوطن الأغر الذي يعد بحق وطن الإسلام الأول، قدم له روحه ووقته وجهده وعمله، وصعد به إلى أعلى الكواكب على وجه الأرض، بأعظم نعمة وأتم منة، وهي رسالة الإسلام؛ فهذه البلاد كانت وما زالت متمسكة بحبل الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وما زالت قائمة على غرس عقيدة التوحيد، ونشر رسالة الإسلام على منهج السلف الصالح.
وفي تلك السنوات الأربع التي مرت على شعب المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، إنما هي مراحل مضيئة، وسنوات مشرقة، حافلة بالخير والعطاء والازدهار والتنمية، والحراك السياسي والاقتصادي وبناء قواعد مهمة في العلم والتعليم، الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين العناية التامة والاهتمام البالغ، في كل مراحله وأدواره، ومن هذا التصور تتضح لنا عظمة تلك الأعمال التي قام بها في وسط هذا العالم اليوم المليء بالعجائب والغرائب الذي يموج في كثير من الفتن، والأهوال المعكرة والاختلافات المضادة.
متع الله خادم الحرمين بالصحة والعافية وبارك في حياته ومنحه التوفيق والسداد في أعماله.
والله ولي التوفيق.
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية