لم تعد آفة تعاطي المخدرات مشكلة شخصية تنحصر أضرارها بالفرد الذي يتعاطاها، فهي بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة والتدميرية التي تصيب الفرد الذي ابتلاه الله وأدمن على تعاطيها فتدمر صحته وتهدم أسرته وكل المحيطين به ومجتمعه، أصبحت سلاحاً خطيراً يستعمله أعداء الأمم والشعوب لتدمير الدول وهدم أسسها الأخلاقية والتنموية وحتى الدفاعية والأمنية والسلوكية، فقد أظهرت الدراسات أن هناك العديد من الأمم والدول النامية التي عرفت بالتزام أبنائها الديني والأخلاقي تستهدف وتتعرض لهجمات مركزة بقصد تدمير أبنائها وبالذات شبابها لهدم حصون مقاومتها والتزامها الديني والأخلاقي، وأن هذه الأمم والدول المستهدفة معظمها من الدول النامية التي حباها الله بقيادات حكيمة استطاعت استثمار الثروات التي منّ الله بها على تلك الأمم والدول، فأراد الأعداء سلبها والاستيلاء عليها، ولما وجدت حسناً في استثمار الثروة وحكمة في إدارة شؤون البلاد والعباد، عمد الأعداء إلى إشغال الأمة وتدمير مقوماتها وثرواتها الحقيقية والتي من أهمها إنسان تلك الأمم، فوجدوا أن من أكثر الأساليب تحقيقاً لغاياتهم الخبيثة هو تدمير الشباب من خلال ترويج المخدرات وإغراء الشباب على تعاطيها، ولهذا نجد أن هناك دولاً معينة مستهدفة وترسل إليها الشحنات المخدرة وبكثافة وبإصرار، وقد لاحظنا أن هناك استهدافاً مقصوداً بتوجيه المواد المخدرة إلى بلادنا لتوريط شبابنا ودفعهم إلى الطريق المميت، إلا أن لطف الله، وتفاني أبناء البلد وأجهزته في التصدي لهذا المسعى الخبيث جعل بلادنا من بين الدول القليلة التي لم تتفش فيها ظاهرة تعاطي المخدرات، إلا أننا وفي ظل الاستهداف المتواصل وتربص الأعداء يجب أن لا نركن للاسترخاء وأن لا نخفف من يقظتنا في التصدي للمروجين والمتاجرين بهذه المادة المميتة.
واليوم إذ نشارك العالم مناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات فإنه لا بد من تحذير كل من يقيم على هذه الأرض الطاهرة من مواطنين ومقيمين، ومطالبتهم بأخذ الحيطة والحذر من مغبة الوقوع ضحية لهذه السموم وتجارها ومروجيها والمبادرة لأن يأخذ كل منا دوره الأساسي في التعاون مع الأجهزة المختصة في مكافحة هذه الظاهرة، حتى تتسق الجهود وتتفاعل الإرادات، وتنجح التدابير المتخذة في درء أخطار هذه الآفة عن مجتمعاتنا العربية أفراداً أو جماعات، وتترسخ العبرة بمآسي المواد المخدرة بما تسببه من تدمير للنفس والعقل والجسم، وليعمل كل منا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطيع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، ولذلك فإننا مطالبون جميعاً بمحاربة آفة المخدرات بكافة أشكالها وصورها، حتى نبقى في منأى عن دائرة الخطر والإجرام، والحيلولة دون معاناة ويلاتها وآلامها، لأن المسؤولية جماعية، والواجب مقدس، والهدف مشترك، والوصول إلى مجتمعات خالية من المخدرات مطلب أساسي وشامل وليكن شعارنا وعملنا أن يكون بلدنا خالياً ونظيفاً تماماً من المخدرات.