قطعتُ استغراقي الجميل في رحلة ماتعة مع رواية (عزازيل) لكاتبها يوسف زيدان الحائزة على جائزة البوكر العربية - قطعت - متعتي لأفسد ذائقتي الأدبية بمشاهدة مسلسل (أسوار 2) .
وكنت قد أستأذنت من أطفالي أن يتركوني منفردة لأنني للأسف سأتابع مسلسلاً خليجياً - وهو من المحظورات في منزلنا - وذلك لاحتوائه على مشاهد ومفردات لا يحسن مشاهدتها أو الاستماع إليها.
** شاهدت (أسوار 2) بعد أن تابعت اللغط حوله في الصحف -تماماً- مثلما حدث مع (أسوار1) لكن الحق أن الكاتب زاد في العيار هذه المرة.. حتى يزداد اللغط أكثر فيلتفت الناس إليه أكثر ومنهم - محدثتكم- التي تنازلت عن متعة جميلة مع رواية تجمع بين التاريخي والواقعي والديني والدنيوي عبر صراع روحاني فلسفي عميق كتبه يوسف زيدان في نص يعيد لك نقوش إدوار الخراط عن الأسكندرية أو أمين معلوف عن سمرقند ورجاء عالم عن مكة عبر رسائل (سيدي وحدانة) .. هذه التقنية الروائية المميزة لفك شفرات المخطوطات والرسائل القديمة..
كيف تأتى لي أن أترك هذا الإبداع لأجالس مثل هذه المشاهد غير المريحة؟!.
** لا يوجد نص في العالم يكتب بهذه السذاجة والتهريج فلا يمكنك أن تصنع من صفحة الحوادث مسلسلاً..
النص الدرامي هو معادل للحياة، والحياة لا تقوم على الشر الخالص والقبح الخالص والأمور السطحية الهشة..
** المصحة النفسية التي تغتصب فيها النزيلات هي خط درامي أتفهمه لو اكتفى به الكاتب وجعل الصراع والمقاومة وبين قوى الخير والشر والنفوذ والمال وقيم الجمال في الحياة، لو أتقن حرفة الكتابة لجعل هذه الحكاية فقط عبر وجود طاقم خير في المصحة وخارجها يقاوم ويكتشف وسيناضل ويصارع عبر حبكة درامية متصاعدة، لكن لأن الأدوات الإبداعية مفقودة، والرغبة للحصول على المال موجودة، فإن النص ظهر وكأنه قصاصة من صفحة الحوادث في صحيفة فضائية لاحظوا كم القصص السيئة (السطحية) المحتشدة في النص بدون أي معالجة درامية أو تنامي للشخصيات فالكل طوال المسلسل لم يتغير والشخصيات التي تتغير يتم تغيرها بشكل طفيف وبطيء.
1 - الفتاة التي ارتبطت بعلاقة مع شاب ثم أغواها للحضور إلى شقته المليئة بأصدقائه الفاسدين.
2 - اغتصاب شقيقة الشاب بدلاً من صديقتها حيث ذهبت لإنقاذها واكتشاف أخوها لذلك.
3 - حب أخ الزوج لزوجة أخيه وسحرها ومحاولة التحرش بها ثم توريطها والوشاية بها بعد رفضها ثم تطليقها من زوجها.
4 - الزوج الذي يعاني من حالة نفسية تم تعذيبه لزوجته بعد أن طلبت الطلاق وحبسها وتقديم الفئران الحية طعاماً لها إلى أن تنهار نفسياً ثم تدخل مصحة نفسية.
5 - تواطئ الممرضة والحارس في المصحة على إدخال المنحرفين إلى المصحة لاغتصاب النزيلات بعد تنويمهن بمنوم والحصول على المال مقابل ذلك.
6 - خطأ الطبيب الذي كلف الطفلة حياتها واتهام الأب في الصحف أنه من تسبب في غيبوبة الطفلة حيث حبسها طويلاً وأنها ضحية عنف أسري وليست ضحية خطأ طبي.
7 - الطبيب الذي يبيع دم المساكين والفقراء والعمالة.
8 - العلاقة بين الشابة والشاب اللبناني المسيحي كل هذه الحكايات السوداء وأكثر تجدونها في أسوار.. كان يفترض أن يكون هذا هو إعلان المسلسل..
** (أسوار) لا يمكن أن يناقش إبداعياً لأنه عمل لا علاقة له بالإبداع إنه عمل له علاقة بالسياسة والمجتمع والمؤسسات المدنية والملفات التي يوهمنا أنه يفتحها ليعالجها والحقيقة أنه يراكم الصور القبيحة لإيجاد صورة ذهنية سيئة عن مجتمعنا. لم أجد أمامي سوى هذا الهدف فهو الشيء الوحيد الظاهر للأسف!!
fatemh2007@hotmail.com