آسف .. كلمة صغيرة لا يتجاوز عدد حروفها أربعة، لكن الكثيرين يستثقلون نطقها تكبراً ظناً منهم أن الاعتذار يقلل من قدرهم، أو ينال من مكانتهم، ونتيجة لهذا الظن الخاطئ الذي يحول دون اعتذار الإنسان عن خطأ اقترفه قد تقطع أرحام أو تتهدم بيوت وتنقطع أواصر المودة بين زملاء العمل أو الجيران، وربما تتحول صداقة الأصدقاء إلى جفاء؛ لأن أحدهم أبى واستكبر أن يعتذر.
ولمثل هؤلاء الذين يأبون الاعتذار عن الخطأ، نقول: إن القوة كل القوة في الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، بل إن الاعتذار هو الخطوة الأولى على طريق العودة إلى الحق، حتى بين الإنسان وخالقه، وقد دلنا السلف الصالح على شروط التوبة النصوح ومنها: الإقرار بالذنب، ثم الندم عليه، والعزم على عدم العودة لمثله أبداً، ثم الاستغفار عنه.
والإقرار بالذنب أو الخطأ يتجسد في الاعتذار لمن أخطأنا في حقه وطلب الصفح منه، وليس في ذلك أدنى انتقاص من مكانة المعتذر فهو إنسان قادر على تصحيح مساره دائماً مهما كانت درجة الانحراف عنه، في حين أن من يأبى الاعتذار إنسان ضعيف لا يستطيع أن يروض أهواء النفس أو يلجم آفات الكبر بها، فتتمكن منه وقد تنزلق به إلى العناد في الباطل الذي يورث الكفر والعياذ بالله.
وفي حياتنا اليومية كثير من المآسي التي وقعت لأن كثيراً منا لا يملك شجاعة الاعتذار لزوجته أو أخيه أو زميله في العمل وكثيراً ما نسمع ونرى عن أشقاء جفت بينهم مشاعر الأخوة؛ لأن أحدهم يأنف أن يعتذر عن خطأ اقترفه في حق شقيقه.
ولأمثال هؤلاء نذكر مقولة عمر بن الخطاب الشهيرة، أصابت امرأة وأخطأ عمر، فهل نال ذلك من مكانة ثاني الخلفاء الراشدين؟! أم أن شجاعة سيدنا عمر رضي الله عنه التي اشتهر بها في كل ميدان تتجلى في هذه المقولة علنا، نتعلم جميعاً أن الاعتذار بالخطأ ليس ضعفاً، بل شجاعة والتزام بالحق ورجوع عن الباطل.
وإن كان الاعتذار شجاعة، فإن الصدق فيه صفة لازمة لا يتحقق إلا بها، كما أن قبول الاعتذار شيمة الكرماء الذي يعرفون قدر الشجعان، ليتنا نكون جميعاً شجعاناً فنعتذر لمن أخطأنا في حقهم ولنكن جميعاً كرماء، فنقبل اعتذار المعتذر ونعاونه على مجاهدة نفسه، ودحض آفة الكبر وأهواء النفس، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.. مع أسفي واعتذاري لكل من أخطأت بحقهم راجياً منهم الصفح والمسامحة.
alomari1420@yahoo.com