التعامل السلبي من قبل وزارة التجارة، وقطاع الصناعات البتروكيماوية السعودية مع التحركات الهندية لفرض ضرائب على واردات الهند من مادة البولي بروبلين القادمة من السعودية ساعد الشركات الهندية المنافسة على حمل الحكومة الهندية لاستصدار قرار رفع الضرائب على واردات الهند من مادة البولي بروبيلين بداعي الحماية ضد الإغراق.. تتمتع شركتا (ريالينس) و(هاليدا)، المتقدمتان بطلب الحماية من الإغراق، عطفاً على ما تقدمانه للمجتمع وهو ما مكنهما من تمرير القرار الذي يُعتَقد أنه البداية لقرارات حمائية أخرى. توصية وزارة التجارة الهندية تعتمد على تطبيق ضرائب الإغراق لمدة 6 أشهر لسماع وجهات النظر من الموردين والشركات الهندية على أن تتم مراجعتها بعد ذلك وفي حال ثبتت تهمة الإغراق يتم تمديد القرار لخمس سنوات أخرى، أو إلغائه بأثر رجعي في حال عدم ثبوتها.
ردة الفعل السعودية لم تكن بالحجم المطلوب مما يجعلنا أقل تفاؤلاً بإمكانية كسب القضية مستقبلا وإلغاء الضرائب المؤقتة.
تَعَامَل الجانب السعودي مع الضرائب المُحدثة من باب حجم الضرر المباشر، باعتبار أن السوق الهندية لا تُمثل إلا نسبة ضئيلة من الصادرات البتروكيماوية السعودية، وبذلك يصبح القرار (شبه ميت) من الناحية العملية!.
والحقيقة أن القرارات الحمائية لا يمكن أن تقف عند حد معين، أو أن تبقى في محيطها الجغرافي، ومتى ما أُقرت رسمياً فإمكانية تطورها، وانتشارها جغرافيا يُصبح أمراً حتمياً.
وهنا يجب التركيز على الأضرار غير المباشرة التي يمكن أن تشكل مستقبلاً الخطر الأكبر على الصناعة البتروكيماوية السعودية.
سابقة الهند الحمائية انتقلت إلى الصين التي تعد سوقاً إستراتيجية للمنتجات البتروكيماوية السعودية.
ومثلما حدث في الهند، أقدمت الصين على فرض قرار احترازي أولي يقضي بفرض رسوم حمائية بنسب متفاوتة على واردات منتجات البيوتانديول والميثانول.
شركة (سبكيم) السعودية، وشركات أخرى، كانت المستهدفة من القرار، إلا أن قطاع البتروكيماويات السعودي هو المستهدف الرئيس من القرارات الحمائية (العالمية).
لن يطول الأمد قبل أن نجد القرارات الحمائية تطال جميع المنتجات البتروكيماوية السعودية مما يعني تهديدا مباشرا لهذه الصناعة الإستراتيجية.
الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم) شككت بخلفيات القرار الصيني وقالت: إن القرار (سياسي غير تجاري)، وأن شركات إيرانية تم استثناؤها من نفس الإجراءات الحمائية.
رئيس شركة (سبكيم) المهندس أحمد العوهلي ذكر في مقابلة مع قناة (العربية) أن: (القرار غير مبرر وهو قرار حمائي لا يتوافق مع قواعد التجارة الحرة).
المهندس العوهلي أكد أن الشركة (لن تدفع أي من الرسوم حتى لو تطلب الأمر تحويل الشحنات المتوجهة إلى الصين نحو أسواق أخرى)!؛ وهذا أمر لا يمكن القبول به، وهو أقرب إلى الهروب من المشكلة.
السوق الصينية هي السوق الإستراتيجية للمنتجات البتروكيماوية السعودية، وبقليل من الجهد المشترك مع الوزارات السعودية المسؤولة، والتعامل القانوني المحترف يمكن نقض هذا القرار الانتقائي.
قضايا الإغراق المرفوعة على الشركات السعودية، واتهامها ببيع منتجاتها بأقل من سعر التكلفة لم تأخذ في الحسبان تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وانهيار الأسعار.
خفض أسعار البيع لم يكن وفق خطط تسويقية، أو بهدف الحصول على حصة إضافية في السوقين الصينية والهندية، بل فرضتها ظروف طارئة، ووقتية متعلقة بمتغيرات السوق العالمية، ولم يكن للشركات السعودية خيار فيها، ووزارتا التجارة في البلدين أكثر علماً بخلفيات الأمور، إلا أن الشركات المنافسة في الصين والهند استغلت الظروف الطارئة لبناء قضية الإغراق.
أعتقد أن القصور في توضيح وجهة نظر الشركات السعودية لوزارتي التجارة الهندية، والصينية، وفقدان الضغط الأمثل والتنسيق المشترك من وزارة الصناعة والتجارة، المالية، والخارجية بما يدعم الشركات السعودية في الخارج كان له أكبر الأثر في فرض الضرائب الحمائية الابتدائية في الهند والصين، وما لم يُشكل فريق عمل متخصص من وزارة الخارجية، الصناعة والتجارة، المالية، والشركات البتروكيماوية، ومحاميهم، ومختصين في قوانين التجارة العالمية ممن ساهموا في دخول المملكة المنظمة العالمية، يتولى مسؤولية الدفاع عن مصالح الشركات البتروكيماوية والمصالح الوطنية فستبقى صناعة البتروكيماويات السعودية في دائرة الخطر.
صناعة البتروكيماويات في حاجة ماسة إلى الضغط السياسي، المالي والاقتصادي القائم على المصالح المتبادلة، إضافة إلى الفكر التجاري المنفتح، والرعاية التامة والتمثيل القوي والفعّال من وزارات الدولة، لقطاعاتنا الصناعية والتجارية، وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة، المسؤولة عن كل ما قد يتعرض له قطاع البتروكيماويات مستقبلاً.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM