بمهنية راقية.. وحضور لافت ومدهش يواصل المذيع الشاب (صلاح الغيدان) تقديم برنامجه الهادف (99).. لا يلوي على غير كفاءته.. ولم يحتج إلى دعاية منافقة.. أو رافعة ثناء ومديح تشهره وتسوِّقه في الآفاق.. فهو (فنان) يتقن صناعته.. وكفاءة ناجزة تتطور بدأب واستمرار..
** حتى وإن كانت نافذته إلى المشاهدين.. قناة (الرياضة) وجمهورها النوعي.. وهي نافذة برغم أهميتها.. من شأنها تغييبه عن مشاهدين كثر.. تهمهم وتعنيهم نوعية وحساسية القضايا التي يطرحها.. وتشدُّهم الاحترافية العالية.. التي يعرض فيها تلك القضايا ويناقشها..
**.. برنامج (99) ينزل إلى الشارع - ولا ينعزل في الاستوديوهات المكيفة والديكورات الفارهة.. يمسُّ القضايا الإشكالية ويكشفها.. ويكاشف عناصرها بوضوح ومباشرة ومصداقية..
**.. وعلى مثل هذا (الفتى اليافع) وأضرابه.. يكون الرهان على نموذج لصناعة إعلامية تلفزيونية .. تحترم عقول المشاهدين.. وتضع اعتباراً لهمومهم وذوائقهم..تستقطبهم وتشاركهم (الحياة) بكل انعطافاتها ومآزقها ومتغيراتها............ تضيء مناطق العتمة في دروبهم.. وتكشف ما يحرص (الأنيقون) والمعلبون على ستره.. تقف وتتأمل ما يتجاوزونه ويخجلون الوقوف عنده.. لأنه يخدش مثاليتهم وطوباويتهم الهشة..!
** فنحن في عصر (تلفزيون الواقع).. والواقع ليس عالماً غيبياً لا صلة له بالناس والحياة.. وليس وعيداً وانتظاراً للموت.. كما أنه ليس رقصاً وحناجر صدئة.. ووجوه قميئة وأجساد عارية.. وليس قتلاً للوقت وتغييباً للوعي.. وليس ازدلافاً لأولي الطول ومجاملات للمعارف والأصدقاء..! عبر برامج بلا قيمة أو رؤية أوهدف.. تملأ ساعات البث.. في عصر السماوات المفتوحة.. ومنجزات الملتيميديا وخياراتها..!
** ..إنه بعض ذلك.... وإضافة إليه: فهو التئاذ بما تبقى من احترام للإنسان والحياة والخير و(المعنى) والفضيلة.. وانحياز لقضايا الناس وواقعهم الحقيقي..
**.. هكذا اختط (صلاح الغيدان) لنفسه مساراً جديداً بوعي جديد.. دون أن يُمنح (زاوية صحفية) يعلن فيها عن برنامجه وضيوفه وبطولاته..! ودون أن يختزل برنامجه في ثلة أصدقاء.. يكتبون عن ألمعيته في اليوم التالي..
** ولأنه نموذج للقلة المتميزة.. أردت الإشارة إلى ندرته.. والإشادة بتميزه.. ولأني من متابعيه.. أردت أن أشهد بما وعيت من أطروحاته.. عسى أن تُستثمر طاقه مثله.. في برامج أخرى.. ويأخذ فرصة يستحقها.. لأنه مثال على الالتزام.. في زمن يسوِّق فيه الفضاء وأقنيته (كائنات) نخجل أن تدخل بيوتنا ويشاهدها أطفالنا.. والله المستعان على ما يصفون..