يمثلان بكامل تفاصيلهما المعنى الحقيقي (الصادق) للمواطنة الحية ويحكيان ببهائهما عن سيرة هذا الوطن وتاريخه العتيق, فهما مرتبطان بالسماء والأرض، بالدم والسمت.
الغترة والثوب.. الرمزان اللذان تنكر لهما بعض أنجال هذا الجيل فاستبدلوا بهما تلك (الأزياء) الغريبة التي أحكمت سيطرتها على عقولهم لتصيب كرامتنا في مقتلٍ عميق.. كنت وما زلت أتعجب من الطريقة الفظَّة التي يتعامل بها بعض أبناء الوطن مع أيدلوجياتهم التراثية (الوطنية) عندما يصرون على مجابهة تلك القيم المجتمعية بتصرفاتٍ سمجةٍ لا معنى لها.
لم تكن العاصمة (النجدية) الرياض ببعيدة عن تلك التجاوزات (السلوكية) فماضينا القريب يُقِرّ صادقاً بِبُعد شبابه -إلى حدٍّ ما- عن تلك السلوكيات المنافية للأخلاق, عشنا لنرى شبابنا داخل البنوك والمجمعات التجارية بلباس قد لا يجرؤ المرء على ارتدائه إلا في مسكنه الخاص!؛ فلا تتفاجأ إن رأيت أحدهم ب(التي شيرت والبرمودا) مزهواًً! داخل أي من الدوائر الحكومية أو في إحدى المناسبات (الرسمية) العامة وهذا التصرف بلا شك ينم عن عدم احترام للآخرين وينبئ عن بعد المسافة التي تربطهم بواقع الزمان والمكان..؟!.
يمثِّل الزي الوطني بكامل تفاصيله ومكوناته البعد الثقافي والمعرفي لأي أمةٍ من الأمم فكل جزءٍ منه يشير إلى طبيعة البلد الذي انبثق منه, ونحمد الله سبحانه وتعالى أن بلادنا لم تتعرض على مر العصور والأزمان إلى أي نوعٍ من أنواع الاستعمار العسكري أو الفكري؛ الأمر الذي هيأ لها التشبث بدينها وتقاليدها وتراثها, فهي نعمة تستحق الشكر, والاعتزاز بها مطلب ضروري في ظل التغيُّرات (الفكروثقافية) التي عصفت بكثيرٍ من دول الشرق الأدنى خلال القرن الماضي, وقد تفسر حالة الهروب من الهوية بارتداء (التقاسيم) الغربية أو الغريبة -إن صح التعبير- بأنها جزء من هوس (خالف تُعرف) المسيطر على هؤلاء, فهم لم يستشعروا نداء ضمائرهم وذواتهم الحيَّة, فالمتعارف عليه عقلاً ونقلاً أن هذه الأزياء لا تتناسب وطبيعة الأماكن التي يوجدون فيها التي تفرض وتحتم التقيّد بالزي الرسمي, الإشكالية تكمن في السؤال الكبير الذي يحلّق حولهم عندما يقصدون أياً من نقاط التجمّع البشرية: ما الهدف من كل ذلك أو بعضه؟! ومهما كانت المبررات فإن الغاية لا تبرر الوسيلة, فأنا اتحدى أي شخص يسكن في أي قطر من العالم (الأول) أن يرتدي الزي التقليدي لأي دولة عربية أو أي قطعة يمكن أن تشير في داخلها إلى الواجهة العربية بأي شكلٍ كان..؟!؛ فلماذا نصر على مسخ ذواتنا في أرضنا؟.
