منذ سنوات اكتشفت مشكلة - تشبه مشكلة الشرق الأوسط - اسمها توفير سرير لمريض إما أنه بين الحياة والموت وإما أنه بحاجة لعملية ضرورية، اكتشفت ذلك عندما زرت أحد الأصدقاء ووجدته ممدداً بجانب العيادات الأولية أو الإسعاف أو الطوارئ. ما هو الفرق؟ وقد مضت أكثر من ثلاثة أيام على ذلك الصديق حتى قيض الله له سريرا ينام عليه، ليمر عليه الأطباء وتلاميذهم وكل منهم يلقي عليه نظرة، هناك من يسأله عن أولاده ومعاشه وهناك من يقلبه بحثا عن علل غريبة وهناك من يستفسر عن حال المريض وهكذا، رغم كل هذه الجولات الفولكلورية إلا أن المريض كان سعيداً، فقد استقر أخيرا على سرير وليس مهما كما قال ضاحكا أن ينتقل من السرير إلى الثلاجة أو إلى بيته، المهم أنه تجاوز مرحلة الممر والناس الذين يلتفون حوله من الأطباء وزوار العيادات والطلاب وكل واحد منهم يبدأ ب: سلامات! وينتهي منه ب: سلامات! حتى علقت معه فأصبح كلما ما زرته يبدأني بعبارة: سلامات!
ذلك المستشفى كان يستقبل المرضى من كل مكان في المملكة، مع أنه يكفيه استقبال مرضى منطقة الرياض، وحاله هو حال كافة المستشفيات الكبيرة في الرياض، حتى غدت عن بكرة أبيها ترفع الشعار السينمائي أو الفندقي في الدول السياحية: كامل العدد! ومن يشتكي بحالة حرجة أو أتى به أهله من مدينة بعيدة عليه بالممر حتى يقيض الله له سريرا أو ثلاجة فاليأس يدفع بالمريض وأهله - والعياذ بالله - بتمني أن يأخذ الله أمانته معززة مكرمة بدلا من بهدلة المراجعات والممرات والمواعيد وقلة الأسرة! في ذلك الوقت أطلق الدكتور حمد المانع (وزير الصحة السابق) شعار الحزام الصحي، والذي لخصه في العمل على إنشاء خمسة مستشفيات تخصصية في خمس مدن تضاهي أو توازي المستشفيات المتخصصة في الرياض وجدة، لكنني قبل أيام اكتشفت أن ذلك الشعار أشبه بالدعايات الانتخابية فلم يلبث أن تحول إلى لا شيء، ولابد أن إطلاقه كان لتغطية ما يحدث في مستشفيات الأمراض النفسية ومستشفيات مكة والمدينة وجدة والعديد من المدن والقرى من إهمال وتسيب في الخدمات الطبية، د. حمد المانع كان مجتهداً لكن عيبه أن خياله تفوق على واقعه، ومثله الجهاز الإعلامي والطبي والخدمات، حوارات وجولات وأخبار لكن على أرض الواقع: الفوضى مستمرة! قال وزير الصحة الحالي د. عبدالله الربيعة (لا يوجد لدى الوزارة أي مشروع باسم الحزام الصحي) من المسؤول عن الحلم الذي تحول إلى كابوس... مجرد سؤال!
فاكس 012054137