عُرف عن العرب منذ أقدم العصور أنهم يتمتعون بالخصال الحميدة ويحرصون كل الحرص على التمسك بالقيم النبيلة، ومن أهمها إكرام الضيف والتحمل والثبات والصبر والشجاعة والإقدام والمروءة والترفع عن النقائص وطلب الستر والحياء والاحتشام، هذا علاوة على الفطنة والبساطة وكتمان الأسرار!!
|
صحيح أن العرب في الجاهلية يفضلون العصبية والقوة ويميلون إلى القتال ويعتبرون أن الحرب الحل الحاسم، وكانوا يرون أن القبيلة العزيزة الجانب هي التي تظلم غيرها من القبائل وتبدأ بالقتال والغزو على غيرها قبل أن يغزوها؛ يقول زهير:
|
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه |
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم |
وكانت القبيلة هي الإطار الاجتماعي الذي عاش به أبناء الصحراء، ومن المتعارف عليه أن لكل قبيلة شيخاً ومجموعة شيوخ، وللشيخ الدور الأكبر في توجيه قبيلته، وكان شيخ القبيلة يأمر بالحرب والسلم وله سلطة مطلقة على أفراد قبيلته، ودوره في القبيلة المسؤولية عن أفرادها داخلياً وخارجياً حيث يستطيع تحقيق الأهداف التي ينشدونها، ومن المهم أن يكون هذا الشيخ يتمتع بالأخلاق الحميدة والذكاء والشجاعة والكرم والعطف وأن يكون محباً للصدق وأن يكون رافضاً للظلم ولا يرغب في ارتكاب الدنايا.. وقد سمعنا وقرأنا عبر التاريخ عن سير العديد من الرجال الذين سطر لهم التاريخ أروع الأمثلة في الشجاعة والإقدام والكرم والنخوة والقيادة!!
|
لقد استمر أبناء القبائل وشيوخهم يمارسون حياتهم اليومية التي لا تخلو أبداً من الفتن والسلب والنهب وصعوبة العيش وقلة الموارد، حتى جاء موحد الصفوف وجامع الشمل وموحد الأفكار الذي قضى على كل الفتن وخاض معركة الإصلاح ولم الشتات جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - الذي سار على نهج الصالحين واقتدى بسيد المرسلين، والذي أعطى كل ذي حق حقه، وحّد البلاد وأصبح الناس في عهده مجتمعاً متحاباً يرفض العصبية ويلتف حول القيادة بكل وفاء وإخلاص.
|
ثم جاء من بعده الملوك الميامين سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله جميعاً ثم جاء ملك الإنسانية الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز. لقد حقق أبناء المؤسس الملوك الأوفياء جميعهم مكاسب كبيرة في كافة الجوانب الاجتماعية والإنسانية، والعدل في الرعية، وأصبح المجتمع جديراً بالوحدة وتحقيق الأهداف السامية. هذه الأهداف لم تلغ دور الذين سجل لهم التاريخ مواقف لا تمحى، وها هم شيوخ القبائل يجدون كل الاحترام والتقدير من ولاة الأمر كمواطنين صالحين وكرجال كان لآبائهم وأجدادهم مواقف مشرفة ومنذ أقدم العصور، وولاة الأمر - نصرهم الله - لم ولن يتجاهلوا من كان له دور مؤثر في قبيلته أو قريته أو هجرته، ولأن ملوكنا - أيدهم الله بنصره - يؤمنون بأن الأخلاق والقيم ستبقى لأنها موجودة في أبناء هذه الأرض ولهم في الرسول الكريم أسوة حسنة عندما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فأبناء هذا الوطن وعلى مختلف مستوياتهم يحظون بمكانة تليق بهم في الدولة لأن الجميع في خدمة الوطن، وشيوخ القبائل يعتبرون أنفسهم ضمن منظومة متكاملة هدفها الانصهار الحقيقي في الدفاع عن البلاد وطاعة الله ثم ولي الأمر والتكاتف والتعاضد، وأن يكون كل مواطن محققاً للأهداف السامية التي يطمح إليها ملك القلوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يسعى وباستمرار أن يكون هذا المجتمع مجتمعاً واعياً يقف ضد التطرف والتعصب وضد كل ما يسيء لبلادنا واستقرارها وأمنها، ألسنا شعباً واحداً!!
|
وما دام أن ملوك هذه البلاد جميعهم بدءاً بالمؤسس يحترمون الرموز، وكثير من الوثائق التاريخية تدل على ذلك، فإنه من الواجب علينا جميعاً أن نحترم هؤلاء وألا نتجاهل الدور الذي كان عليه كل من ساهم في تكوين وتأسيس الدولة السعودية عبر أدوارها الثلاثة. إنه يحز في النفس أن نشاهد بعض المواقع والمنتديات تقلل من شأن البعض وترفع من شأن البعض الآخر بدون وعي ولا إدراك وبدون معرفة التاريخ الحقيقي لكل إنسان في هذه البلاد، علينا جميعاً احترام كل أبناء الوطن دون استثناء وأن نجلهم، وعلينا احترام وتقدير كل من ساهم في خدمة الوطن وكل من ساهم في الحفاظ على مكارم الأخلاق والشيم والمروءة وحماية الجار وإغاثة الملهوف وأن نعلم جميعاً أن من ليس له ماض ليس له حاضر، وأن العالم كله يعتز بما حققه ويحققه الإنسان في شتى مجالات الحياة، وأن علينا احترام الرموز.
|
|