عجيب هذا الزمن الذي نعيش فيه، فقد أصبحت المادة تسيطر على عقول أكثر الناس الذين سخروا وقتهم وجهدهم للركض خلف المادة، وكيفية الحصول عليه، متناسين واجباتهم الاجتماعية المكلفين بها، ومن ذلك (صلة الرحم)، فقد انعدمت هذه الصلة لديهم وجعلوها شيئاً مهاناً لا أكثر، والشيء المحير أن هؤلاء لا يتذكرون أن لهم أهلاً وأقارب وأصدقاء إلا في المناسبات والأعياد فقط، ثم يتوارون عن الأنظار، فمتى يستيقظ هؤلاء من سباتهم؟ ومتى يدركون بأن هذه الدنيا زائلة؟ وأن ما جمع فيها وما كسب فإن مصيره إلى الزوال؟ أما الشيء الباقي فهو السمعة الطيبة والذكرى الجميلة التي يتركها المرء بعد رحيله لدى الناس الذين عاشروه وعرفوا عنه الخصال الحميدة، لأنه عرف واجباته الدينية والدنيوية، وأقامها على أكمل وجه، فكيف بهؤلاء الذين نسوا أو تناسوا أن لهم واجبات يجب القيام بها، وهل سألوا أنفسهم مرة: ماذا سنخلف بعد رحيلنا؟ فدعوة لهؤلاء بأن يُحكموا ضميرهم قبل عقولهم، وأن يسخروا جزءاً من وقتهم لصلة رحمهم، وأعتقد بأن ذلك لن يضيرهم شيئاً.