في مرحلة من مراحل حياتي فقدت ذاكرتي لفقدي لعبتي على يد والدي.. أخطتها بنفسي رتبت لها شعرا من قصاصات الصوف الأصفر، ووضعت أزرارا سوداء كبريق لعينيها، لم أفكر في اسمها لأن اسمها موجود (مشاعل) المدللة كدليل حب لزوجة خالي وتأثري بها، مرت السنة أو أقل، وأنا ألاعبها وأشكو لها، أسمعها لأنها لم تكن صغيرة كان طولها تقريبا 80سم لذلك كنت أحكي لها حكاية ما قبل النوم، لكن دوام حلاوة تلك الأيام من المحال أن تستمر إذ جاء يوما لا أنساه، الشمس فيه لم تشرق، الجو مغبرا، ومع زوبعة من الغضب العارم المتواجد دائما عند والدي جاء من خلفي يضربني ويصرخ لا أعرف السبب إلا أنني أخذت بعضي وذهبت إلى غرفتي أبكي تذكرت (مشاعل) التي وضعتها في خزانتي ورحت أضمها بحرقة دموعي... وما هي إلا لحظة إلا وأتفاجأ بوجود والدي الذي ما زال غضبه يثور وكأنه بركان ثائر، أخذ بركلي حتى بانت أطراف (مشا عل) من بين أحضاني وكأنها تريد الدفاع عني إلا أنه جاء حتفها، أخذها والدي من بين يدي انتزعها مني انتزاعاً... أشعر بغصة لأن الحديث عن موت (مشاعل) يؤلمني.. أخذ يمزقها أمامي وأنا أدفعه عنها لم يتركها إلا وهي مبعثرة الأحشاء والأطراف، خمد بركان غضبه لحظة ما رأى فيها (مشاعل) ممزقة وأنا أجمع شتاتها المبعثرة كالمجنونة وألملم ما حولي من بقايا (مشاعل) المحطمة أبكي بألم ليس من قساوة الضرب والركل المبرح الذي لقيته من والدي بل كنت أبكي على رحيل دميتي الصغيرة المدللة....
جمعت شتات دميتي الصغيرة وواريتها تراب حديقتنا الخلفية لأنها ماتت ما عادت الحياة لها هكذا تردد في ذهني اللي أنهدم ما يعود ينبني... وداعا (مشاعل) أيتها المدللة الغالية وداع أليم مرير ملئ بالآهات والدموع التي عرفت طريقها لي في ليالي الشتاء الطويل.
لا يعرف والدي أنه بتحطيمه لعبتي بيديه، لعبتي المصنوعة بيدي، أنه بيدي كتبت قصيدة رثاء لها، وبيدي الآن أكتب قصتي معها، وأعرف الناس أنه إذا أتى أحد ومزق لعبتك الصغيرة أو هدم بيتك لابد أن تعرف أنه يتولد لديك بعدها ولادة جديدة لم تعهدها من قبل.
ذهبت لعبتي (مشاعل) ذهب معها الأمل وبقي الألم.. تزوجت.. أنجبت ولم أفكر في إعطاء بنتاي أسم المدللة لأنها رحلت من الحياة وبقت في الذاكرة.. لكن أسمها أحببته وتعلقت به.. تمر السنين ولم أتطلع إلى وجود (مشاعل) في حياتي مرة أخرى أتت الأقدار ب(مشاعل) لكنها ليست لعبة بل كزميلة ثم كرفيقة تكمل مشوار حبي للعبتي المدللة.
أم أحمد و.ر.ث