Al Jazirah NewsPaper Friday  03/07/2009 G Issue 13427
الجمعة 10 رجب 1430   العدد  13427
نقاط فوق الحروف
اتهام النيات
محمد بن سليم اللحام

 

العدالة نبذ العصبية، معرفة الحقيقة، الإصلاح، تطوير المجتمع، الارتقاء بخدمات المؤسسات العامة العاملة فيه، وغيرها كثير... عبارات لطالما دبجت بها وبغيرها الصحف والمصنفات والكتب، وزخرت المكتبات بمدلولاتها وكيفية تحقيقها. وكل ذلك يطرح سؤالاً واقعياً ما هو المغزى من ذلك؟!!

الجواب يسير، وواضح أنه السعي نحو تحقيق العمارة الشرعية للأرض كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}وكذلك تحقيق الكرامة للإنسان والسير باتجاه المثالية في الحياة.

وإن هذا السعي ليس من قبيل المستحيل وليس لتحقيق المستحيل أو المثالية بدون طائل بل هو من باب النصح للأمة بالطرق الشرعية والنظامية وهو مما يأمرنا به ديننا الحنيف وورد في ذلك نصوص الكتاب والسنة.

وحين أقول السعي أعتقد ذلك من واقع وجود النقص في الإنسان وكثرة النسيان أحياناً والبعد عن جادة الصواب بسبب الخطأ أحياناً أخرى والغفلة من جانب آخر، ولهذا يظل السعي أمراً دائب الحراك والجهد المبذول مستمر ويتناول الظاهر من الأمر، فقد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لم أُؤمر أن أنقب عن قلوب الناس) (رواه مسلم). وقال ابن القيم رحمه الله: (ولم يرتب تلك الأحكام على مجرد ما في النفوس من غير دلالة فعل أو قول).

ومع اعتقادي بأهمية هذه المنظومة في النصح للأمة بالأطر السالفة إلا أنني لست مع من يتخذ هذه المنظومة للنيل من رموز إصلاح الأمة باللمز والغمز لدرجة تصل إلى التعدي بمحاكمة النيات والدخول إلى عالم الغيب والتعدي والتجني على المصلحين بحجج واهية أنها الإصلاح كغطاء في الظاهر، أما السرائر فلن أقع في المزلق الذي وقعوا فيه وأقول الله أعلم بسرائرهم.

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة ربانية وواجب ثابت بالكتاب والسنة، وهو من أعظم واجبات الشريعة المطهرة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يكمل نظامها ويرتفع سنامها؛ كيف لا وقد قال تعالى في محكم التنزيل: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}(آل عمران:104) والأحاديث الثابتة في ذلك مستفيضة مشهورة.

فلمن تسول له نفسه النيل من هذه الشعيرة بالتنقص من تطبيقاتها والاستهزاء بجهود العاملين فيها عليكم أنفسكم ولتحذروا من غضب الجبار عليكم فإن لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر أليس أقل من ذلك أن تكفوا عنهم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد