في تطوّر سريع جدا لعدد الأصدقاء (الافتراضيين) الذين قبل معالي وزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة استضافتهم في موقعه على (الفيس بوك)، وقبل نشر هذا المقال بأسبوع، أشار رقم الأصدقاء (الذين يمكن مشاهدة مواقعهم) على موقع معالي الوزير إلى أكثر من ثمانمائة وثلاثين صديقا افتراضيا (830).
ولا شك في أن تكاثر عدد أصدقاء الوزير على الشبكة الإلكترونية أمر متوقع جدا لأسباب كثيرة، ليس في عرضها مزيد بيان للقارئ الكريم الذي بات يعرف:
لماذا يبحث الناس في الإنترنت عن التواصل وبالذات مع شخصية مهمة كشخصية معاليه، وفي قطاع مهم جدا وهو قطاع الإعلام.
لكن الذي استرعى انتباهي بشكل كبير، هو أن هذا التكاثر على الموقع، والممكن مضاعفته عشرات المرات في مدة وجيزة قادمة، قد ولّد (بيئة اتصالية جديدة) أظنها لم تكن على الإطلاق في حسبان معالي الوزير. فموقعي المتواضع على (الفيس بك) لم يكن يحظى باهتمام جماهيري يُذكر، وكنت، حتى أجد أصدقائي، وزملاء مهنتي الإعلامية، أبذل جهدا كبيرا دون جدوى، في البحث عبر محركات البحث، وعبر الموقع ذاته، محاولا تغيير أبجدية أسمائهم عدة مرات، كانت كلها تبوء بالفشل.
ولذا لم يكن لدي بد من أن أرضخ للأمر الواقع، وأكتفي بصداقات (افتراضية) محدودة جدا بقدر ما أنا محدود في ذاكرة النخب والمثقفين والإعلاميين، وبما لا يزيد عن عدد أصابع اليدين. لكن الوزير خوجة، بث في موقعي روحا جديدة، فمنذ أن تلطف بقبولي صديقا (إلكترونيا)، ووضعني ضمن قائمة أصدقائه (الدجيتال) فتح أمامي بوابات رحبة للتلاقي مع نخب فكرية وثقافية وإعلامية وطنية وعربية ودولية. فأي مكسب نحققه نحن الإعلاميين من مجرد استضافة الوزير خوجة لنا في موقعه.
وبدأت المشاعر منذ ذلك الحين الذي ليس ببعيد تدب في موقعي، وأصبحتُ أتلقى رسائل يومية بطلب قبول الاستضافة. وفعلت أنا الشيء نفسه إذ أصبحت أستعرض قوائم أصدقاء الدكتور خوجة، من الإعلاميين والمثقفين والمفكرين وأطلب من بعضهم قبول صداقتي (إلكترونيا)، وقد نجحت بذلك في رفع عدد أصدقائي على موقعي بنسبة (300) في المائة، وخلال ثلاثة أسابيع فقط.
وأظن أن القدر الإلهي لم يخصني بهذه النعمة الاتصالية، بل أظن أن كل ال (830) صديقا على موقع الوزير خوجة حتى يوم أمس، قد لاحظوا الشيء نفسه، أو أنهم قد ضاعفوا فعلا من صداقاتهم كذلك.
والمهم في هذه المداخلة، ليس هو موقع معالي الوزير، وبالتأكيد ليس موقعي، ولكنه الوضع (الاتصالي) المتقدم، والفرص المتخصصة المهمة جدا التي أتاحها معاليه، لتلتقي نخبة النخب على موقعه، إضافة إلى جمع من الجماهير المهتمة، ومن ثم تتواصل فيما بينها عبر شبكات صداقات فرعية (افتراضية) جديدة، لا تزال تتشكّل لتكوّن نسيجا معرفيا بمواصفات عالمية متخصصة جدا واحترافية إلى أبعد الحدود.
ولن أستعرض أحدا من الأسماء الموجودة، ولكن المؤكد أن جل أصدقاء معاليه هم من كبار المتخصصين والمهتمين بالشأن الإعلامي، والثقافي والفكري، فشخصية (عبد العزيز خوجة) استطاعت أن تجمعهم من أماكن شتى، ليقولوا في حق صناعة الإعلام والثقافة عندنا رسائل إيجابية متشابهة، وأخرى سلبية لا تقل تشابها، وما زال الرجل يتقبل هذا وذاك بصدر رحب، أظنه لن يستمر كثيرا حتى يبحث عن عالم افتراضي أكثر قدرة على المناورة (الافتراضية) مع محبيه (الافتراضيين) عندما يزيدون ولو قليلا عن هذا الرقم الكبير جدا، فتعجز القدرة البشرية على الوفاء بالمراد.
وخلاصة القول، إنني لا أريد أن أُطري الوزير على جرأته تلك على الإطلاق، فهو لا ينتظر ذلك، ولكنني فقط أهنئ الإعلاميين والمثقفين والمفكرين السعوديين والعرب ونفرا من العجم، بأن الوزير خوجة استطاع أن يفعل لهم ما لم تستطع أن تفعله كل محركات البحث على الإنترنت، حيث جمعهم من كل حدب وصوب لا يجمعهم عنده سوى طيب ذكر الرجل، وحب العمل والتفاني والمشاركة، والغيرة على صناعة الإعلام والثقافة.
فطيبوا مقاما أيها المثقفون، والإعلاميون، والمفكرون، و(أكثروا) من (تكاثر) صداقاتكم على (الفيس بوك)، واجعلوا في تلاقيكم الإلكتروني خيرا للعباد والبلاد، وتوحيدا لقيم الممارسة الإعلامية الرشيدة، وميثاق شرف لأخلاقيات العمل الإعلامي الثقافي الوطني والعربي الذي ننتظره، لكننا لم نره بعد كما نريده، فلعنا نراه أحد ثمرات عمل متقدم وضع الوزير خوجة بذرته الأولى، ثم تعهدها بالرعاية والمتابعة حتى تؤتي ثمارها على مستويات متقدمة جدا.
أتمنى أن يكون معاليه قد فكّر في هذا التطور المهم لوجوده على الإنترنت، فإن لم يكن قد فعل، فلعله يزداد حبورا اليوم بأنه يسجل بصمة للتاريخ في صناعة الإعلام والاتصال لم تكن تقدر عليها كل الأجهزة الرسمية وغير الرسمية في إعلامنا التقليدي أو المتطور في مجتمعنا الإنساني، وهي كذلك لم تكن لتتيحها أقوى محركات البحث على الشبكة العنكبوتية. وليضرب صفحا عن كل من لا يروق لهم ذلك.
alhumoodmail@yahoo.com