بعد صدور الحكم على أكبر عملية اختلاس شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي سجلت باسم (برنارد مادوف) على حساب ليس فقط الأفراد، بل كان مستهدفا المؤسسات المالية والحكومات، أصبح المستهلك في أوروبا وأمريكا يعطي اهتماما أكبر من أي وقت مضى للادخار بدلا من الاستهلاك في عهد الأزمة المالية، وبدلا من الاستثمار أيضا في الأسواق المالية عبر المؤسسات الاستثمارية، وتقوم بعض الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية هذه الأيام بإجراء استطلاعات للرأي حول مستوى حاجة أو رغبة الأفراد في الاستثمار عبر المؤسسات المالية اتضح أن الثقة تكاد تكون معدومة وتميل للمتاجرة في بعض هذه المؤسسات، وعليه يمكن القول بأن تداعيات ذلك ظهرت جليا على عملات السلع وعملات العائد المرتفع والتي كأنها تدور في حلقة مفرغة ولا تدري إلى أين تتجه والتجار في هذا السوق هم رهن إشارة تجار أسواق الأسهم .
الدولار الأمريكي
فنيا لم يحدث شيء يستحق الذكر في حركته أمام سلة عملاته وفي ظل ضعف عزوم الشراء من الممكن أن يستغل ذلك من قبل البائعين للذهاب به إلى مستوى 78 بشكل مباغت، أما من حيث الأساسيات فقد تقلص عجز الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول إلى 5.5% مقارنة بعجز الربع السابق عند 5.7% مما يوحي ببداية تحسن للاقتصاد الأمريكي ككل، أما الإنفاق الشخصي للربع الأول تراجع إلى 1.4% مقارنة بالتراجع السابق عند 1.5% وهذا يشير إلى أن المستهلكين في أمريكا يفضلون الاحتفاظ بنقودهم ويقاومون إغراء السلع والخدمات المعروضة في أسواقهم، حتى الدخل الشخصي لشهر مايو ارتفع بشكل قوي إلى 1.4% مقارنة بالقراءة السابقة عند 0.5% . ومن جهة أخرى نجد أن ثقة المستهلك لشهر يونيو تعود أدراجها منخفضة إلى 49.3 بعد أن تخلت عن النتيجة المميزة السابقة والتي كانت عند 54.9، ومن المنطقي أن تشل حركة الدولار الأيام المقبلة حتى لو بقيت شهية المخاطرة على نفس مستوياتها الحالية ويبقى الشيء الوحيد الذي قد ينقذ العملة الخضراء هو هبوط أسعار النفط لوجود علاقة ارتباط عكسية وقوية بينهما هذه الأيام.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
يعيش الزوج حالة خمول على المستوى السعري والكمي ومع ذلك نجده يحافظ على اتجاهه الصاعد وتمثل منطقة 1.43 ساحة قتال عنيفة بين المشترين والبائعين يحتمل أن تطول حتى يحدث الحسم؛ لذا من الممكن أن نرى تقلبات سعرية حادة بينها وبين مستوى 1.37.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
حشد كبير من القمم تجمعت عند مستوى 1.65 وللمرة الرابعة يفشل في اختراقها وكلما عاود الزوج كرة الصعود يتم خذلانه بعزوم ضعيفة قد تعيده إلى مستوى 1.58 مستقبلا أي أن مستوى 1.62 كدعم لا يعول عليه كثيرا بسبب تمكن البائعين في هذا الزوج.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
يتداول التجار في منطقة حيرة غير واضحة المعالم حيث يخفي الزوج بين فكيه 94-98 سرا لن يبوح به إلا بصوت عالي أي بحركة سعرية حادة والتي من المرجح أن تكون لصالح الدولار وذلك بتجاوز مستوى 98 في القريب العاجل.
اليورو
أبرز ما تم نشره وتفاعلت معه العملة الموحدة هذا الأسبوع هو نتيجة مؤشر مديري المشتريات لقطاع مبيعات التجزئة والذي صدر من (بلومبيرغ) حيث ما زال منكمشا أي دون مستوى50 نقطة في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وتظهر البيانات أن المؤشر حاليا يقف عند مستوى 48 نقطة كمتوسط وتجدر الإشارة إلى أن ضعف إنفاق المستهلك في قطاع التجزئة هو السبب في ذلك، حتى أسواق الأسهم الأوروبية تفاعلت سلبا مع ذلك خصوصا وأن ظهور ألمانيا بشكل سلبي رغم قوتها في مبيعات التجزئة أدخل الخوف في قلوب تجار اليورو نسبياً.
الجنيه الإسترليني
معظم البيانات الاقتصادية البريطانية التي أعلن عنها تظهر استقرار وثبات ملفت نبدأ بصافي ائتمان المستهلك لشهر مايو الذي استقر على ما هو عليه عند300 مليون جنيه ويبدو أن المستهلك لا يزال يسيطر على موقفه المالي نوعاً ما، أما تصاريح القروض العقارية لنفس الشهر عند 43.4 والسابق 43.3 مما يدل على أن حركة هذا القطاع شهدت فترة توقف نسبيا، وعلى صعيد آخر جاء الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول ليفاقم من عجزه إلى 2.4% مقارنة بالعجز السابق عند 1.9%، ومن الطبيعي أن تشهد العملة الملكية خمولا يميل للهبوط بناء على هذه المعطيات.
الين
نبدأ بالأسهم اليابانية عبر مؤشر النيكاي والذي يظهر صعوبة في اختراق حاجز 10,000 نقطة أضف إلى ذلك صدور نتيجة معدل البطالة لشهر مايو والتي بلغت 5.2% وهي الأعلى منذ خمس سنوات وغالبا لا يفيد هذا المؤشر إلا المستثمر الحذر بشدة؛ لأن هذا الرقم يعبر عن الماضي، أما بشأن المؤشر الذي يقيس أداء الصناعات اليابانية لشهر إبريل ارتفعت قيمته إلى 2.6 والرقم السابق كان منخفضا إلى قيمة 2.4 وفي ذلك إشارة تحسن جزئي للقطاع الصناعي، وفيما يخص قطاع العقار فقد أعلن عن مؤشر المنازل حديثة النشأة لشهر مايو بتراجع نسبته 30.8% مقارنة بالنتيجة السابقة والمتراجعة أيضا بنسبة 32.4% حيث لا يزال القطاع يعاني بشدة حتى الآن، ووفقا لما سبق يمكن القول بأن الين لديه فرصة وحيدة للدفاع عن نفسه وهي أمام عملات السلع أما مع البقية فمصيره الهبوط.
وليد العبدالهادي
waleed. alabdulhadi@gmail.com