الشمس تشرق كلَّ يوم والمواطن يشتري، وتغرب كل يوم والمواطن يشتري، وتشهد الظهيرة ومنتصف الليل أن المواطن يشتري، وتقف الأسئلة كالرماح بين أكوام (الأغراض) التي يشتريها قائلة: لماذا هذا الانسياق وراء ما ترغب أيها المواطن العزيز؟ ألست تشتكي من قلة ذات اليد، وشتات راتبك أمام تكاليف الحياة؟ ألست تعاني من داء الأقساط الذي يستشري في جسم راحتك وسعادتك؟ ألست ذلك الإنسان الذي تصدمه في آخر كلِّ شهر تكاليف الكهرباء والهواتف ومطالبات أصحاب العقارات كنت من المستأجرين؟
|
نعم، لماذا تتضاءل ثقافة البيع والشراء عندك أيها الإنسان الذي أصبحت غرضاً مقصوداً وهدفاً ميسوراً لكل ذي تجارة يبني على شراهتك في الشراء أرباحه ومكاسبه وسمعة تجارته؟
|
مشكلةٌ يعاني منها مواطن بلادنا الذي أصبح يعاني من ترويج الدعايات التجارية معاناة حقيقية لا تخفى على أحدٍ منّا.
|
الشراء (ثقافة) من حق كل إنسانٍ يعيش في بلادنا أن يتقنها ويتعلمها، ليعرف كيف يرشد استهلاكه، وكيف يشتري ما يحتاج إليه موفراً على نفسه وعلى أهله الجهد والمال، ومنقذاً نفسه من هموم الديون، ومعاناة الالتزامات المادية التي لا تنتهي.
|
قرأت عدداً من المقالات، معظمها يُنشر في بعض مواقع الإنترنت تتحدث أحاديث متخصصة عن دور الإنسان في خفض الأسعار، وأن الشعوب الواعية هي التي تتعامل مع غلاء الأسعار بدراية ومعرفة، كما حدث في الأرجنتين قبل فترة في مقاطعة البيض حينما ارتفع سعره، فقد فاجأ الناس تجار البيض بمقاطعتهم لشرائه مقاطعة شبه كاملة، مؤكدين أنهم سيصرفون نظراً عنه ما دام سعره غالياً، وما هي إلا أيام حتى تكدس البيض -فعلاً- في المحلات التجارية وفسد معظمه، فتنافست شركاته في تخفيض الأسعار حتى وصلت النسبة إلى 75%.
|
هنالك تنوُّع هائل في البضائع جميعها غذائية وغير غذائية، ومعنى ذلك أن البدائل موجودة لمن أراد أن ينصرف عن شراء ما غلا ثمنه وبالغ فيه تجاره، لأن هذا الانصراف هو الأسلوب الأمثل لتخفيض الأسعار ورجوعها إلى وضعها الطبيعي البعيد عن الجشع والمبالغة.
|
هنالك مقياس عُمري رائع يتمثل في قول عمر رضي الله عنه (أكلما اشتهيت اشتريت؟) وهو شعار يستحق أن نرفعه في مواجهة الغلاء الفاحش في السّلع على اختلاف أنواعها.
|
إن السلوك الخاطئ في التعامل مع السوق والبيع والشراء جعل كثيراً من التجار يستمر في رفع أسعار كثيرٍ من البضائع بالرغم من انخفاض أسعارها في مواطنها الأصلية، وهذا وإن كان يدلُّ على طمع وجشع من أولئك التجار، إلا أنه يدل أيضاً على سوء ثقافة المواطن في مواجهة سلبيات السوق التي لا يعاني منها إلا أصحاب الدخل المحدود الممزق الموزع بين متطلبات الحياة الباهظة.
|
يتفق الناس في أحاديثهم أنهم يشترون -أحياناً- ما لا يحتاجون، ويبالغون في كميات ما يشترون، وأنهم يفقدون صفة المصابرة في مواجهة الغلاء، ويستسلمون بسرعة لإصرار التجار على عدم تخفيض الأسعار، فلماذا لا يسعى هؤلاء الناس إلى التخلص من هذا السلوك الخاطئ الذي يضخم المشكلة، ويملأ حياتهم بالقلق والمعاناة.
|
|
يعذبني ما أرى من حقوق |
تضيع فكيف أصبِّر نفسي |
|