نعم إنه بيرق الشعر الذي يجب أن يسلمه كل جيل واع للجيل الذي يليه ليحافظ عليه، بيرق يحمل في طياته خطوط عريضة لتجارب شعرية ناضجة، تحمل في أعماقها رؤية شعورية مكتملة لحياة إنسانية نبيلة، بعيدة عن المتناقضات والمتناقصات، فالبيرق هنا رمز للفكر الواعي الذي ينير الطريق بقناديل وضاءة لا تخبو شعلتها أمام تيارات هابطة تحمل السموم والدناءة في هبوبها، البيرق لا يحمله إلا شعراء أقوياء فكراً ووعياً وإخلاصاً وعطاء، ليرتفع علوا ومهابة ونقاء، ومن هنا قد نتوصل للأمانة العظيمة التي يجب أن يتحلى بها كل من أراد أن يحمل لواء الشعر، بعيداً عن المجاملات، والمصالح والمحسوبية، بعيداً عن الحرب الشعرية التي تحرق الأخضر واليابس، بعيداً عن تصفية الحسابات، بعيداً عن أن الاختلاف في وجهات الشعر يفسد للود قضية، فكل هذه التصادمات لا تزيد الساحة الشعرية إلا مسافات قاحلة وأراضي بور جدباء لا ينبت بها إلا الحنظل والصبار، فحتماً سيسقط بيرق الشعر إن لم يجد الرجال المخلصين الذين يذودون عنه بكل بسالة وثقة وإقدام، الذين جعلوا الشعر فوق هام السحب، وأعطوا كل ذي حق حقه، وأنصفوا الشاعر الحقيقي الذي يضيف للموروث والأدب الشعري بسخاء وجزالة وإبداع.