تقدمت المملكة العربية السعودية على كافة الدول العربية في تسجيل براءات الاختراع، هذا الخبر المفرح الذي تكرر خلال عدة أعوام، يدعونا للتساؤل عن مصير هذه البراءات المقبولة عالمياً، هل نفذت على أرض الواقع، أم أنها حبيسة الورق أو أروقة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تتولى مثل هذه الأمور البالغة الأهمية والحساسية والتي تدل على توثب في الرؤيا والبحث والمسؤولية؟ ولأننا نعرف أن المدينة التي تشرف على الأبحاث وجهود واكتشافات أو نتائج البحوث هي ليست الجهة التي تنفذ الاختراع على أرض الواقع فمن حقنا أن نتساءل حتى لا يتم تجاوز مثل هذه المخترعات، ففي الدول الراقية أو الرأسمالية الضاربة الجذور، تتولى المصانع أو الشركات القابضة شراء حقوق هذه البراءات مقابل مبالغ ضخمة يدفع بعضها مقدما والبعض الآخر يدفع كنسب متعارف عليها للمخترع وورثته طالما منتجه أو اختراعه يمارس دوره أو يستخدم في الحياة العامة، والسؤال مرة أخرى هل تقدمت شركات محلية بتبني مثل هذه الاختراعات لتكون في مقبل الأيام صناعة سعودية كاملة، كما تفعل الشركات الأمريكية والأوروبية والصينية واليابانية أم أن هذه البراءات ستحيا وتموت دون رعاة؟ وخارج تبني المؤسسات التجارية لهذه المقترحات، تبرز قضية قديمة جديدة، وهي مساعدة الموهوبين مالياً ومعنوياً، لتكون مبتكراتهم قوية وفاعلة وليست عادية قد يكون مثلها الكثير لدى دول وأفراد، تفتقد لمراكز البحث ورؤوس الأموال، وهي أمور باتت متوفرة في بلادنا، وأن كانت مصادر التمويل حتى الآن دون طموحنا، فهي ببساطة لا تعكس المركز الاقتصادي والصناعي الذي تحتله المملكة منذ سنوات، ما انعكس على جلوسها بجانب أو مع أكبر عشرين دولة على مستوى العالم، وهو حلم كان بعيد المنال منذ سنوات قليلة، لكن هذا الحلم أصبح حقيقة، وهو ما يدفعنا لتكثيف جهودنا لنكون دولة تعتمد على فكر وابتكار أبنائها في ما تصنع، وأن تكون الصناعة مرادفة للبترول، وهذا لن يتم كما نريد إذا لم تتكاتف جهود رجال المال والأعمال مع جهود الدولة في تبني المبتكرات العلمية من خلال دعم الموهوبين والمراكز التي ترعاهم مع تقديم الدعم والمساندة لمبتكراتهم حتى تكون ملبية للحاجة الإنسانية في كافة أشكالها. الصحية والزراعية والعلمية والبيئية. إن الابتكارات لا تكتسب قيمتها بالإعلان عنها ولكنها تكتسب قيمتها بالمكاسب التي تحققها عندما تتجسد على أرض الواقع، أما تلك التي تنجز ويعلن عنها سنويا في سطور معدودات فأغلبها للأسف لا تضيف جديدا، إنها مثل الطفل الذي ينزل من بطن أمه فلا يجد من يستقبله بالرعاية حتى يشب ويقف على رجليه!
فاكس: 012054137