المسؤولون عن الشؤون (الإنسانية) في بلادنا العزيزة لديهم من الرأفة بهذا الإنسان الشيء الكثير فحرصهم لا يمكن أن يدركه الإنسان البسيط مثلي!
أما كيف؟ فالجواب بكل بساطة أنهم يريدون لهذا الإنسان الذي يعيش في شمال هذه البلاد أو في جنوبها بل وفي غربها ووسطها وشرقها عيشة كسيفه شحيحة..! وهذا نابع كما أسلفت من حرصهم الشديد المتناهي في الشدة وهو أن يكونوا من المخفين يوم القيامة..! يريدونه يعبر الصراط خفيفا سليما من أوساخ هذه الدنيا..!
هؤلاء المسؤولون يملكون قلوبا رحيمة ونظرة بعيدة، يقولون دائما الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، ولذا كن ناصحا لإخوانك وساعدهم على أن يكونوا من المخفين يوم القيامة بفقرهم وعوزهم وحاجتهم وسؤالهم الناس!!
ثلاثة ملايين فقير في هذه البلاد..! هل تكفي علامة تعجب واحدة؟ بل يكفي طابور من علامات التعجب؟ دولة من أغنى دول العالم يعيش فيها 22% تحت خط الفقر..! سبحان ربي هل هذا افتراء؟ ثلاثة ملايين؟! شيء لا يصدق لولا أننا نعرف بالفعل هذا الوضع ونعرف أن فيه أناسا لا يجدون لقمة الطعام، نعم لقمة الطعام لا ملابس الماركات وجزم الشهيرات.
إن المسؤولية الملقاة على عواتق المسؤولين ليست فقط أمام ولي الأمر الذي لا أحد يشك في أنه عندما يقرأ مثل هذا الكلام ستذرف عينه ويتألم قلبه، بل إن الأمر أعظم من ذلك بكثير، فالمسؤولية ستكون يوم العرض الأكبر بين يدي ملك الملوك سبحانه وتعالى، يوم يقال هذه غدرة فلان ابن فلان خان الأمانة وضيع المسؤولية يوم تبلغ الروح الحلقوم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأين سلامة قلوب هؤلاء الذين لا يرعون الأمانة ويقصرون في حفظ كرامة هذا الإنسان، بل يتجاوزون ذلك فيدلسون ويقولون خلاف الحق لولي الأمر الذي قالها أكثر من مرة أن المواطن أمانة في رقابكم.
يأتي رجل من شمال البلاد أو من جنوبها يتوكأ على عصاه حاملا قرابة قرن من الزمن يجوب المدينة باحثا عن رقم هزيل لا يمكن أن يكون قيمة عدد من أكواب الايسكريم التي لم يعرفها طيلة عمره.
يأتي هذا وآخرون ويعودون حاملين ألف سؤال وسؤال هل نحن واهمون يوم حسبنا أنفسنا رقما من هذا المجتمع؟ هل علينا واجبات في قمتها الانتماء لهذه الأرض ويلتف خاصرتها ما يمكن أن يكون حبا لأرض وإنسان هذا المكان؟ هل أيدينا التي اخشوشنت بتراب هذه الأرض بناء وفداء وتضحية من حقها أن تلامس اريكة من أوكل إليه أمر معرفة أحوالنا ونقول له من حقنا أن نسألك مالنا ومن حقك أن تسألنا ما علينا، لنعود أكثر صفاء وأكثر حبا وعطاء..؟ ملايين ثلاثة هي عدد فقراء وطن كبير بقيادته.. كبير بنخوته وعزته.. كبير بكل ما يمكن أن يكون عنوانا للعطاء والنماء والانتماء.
إذا أين يكمن الخلل الذي أوجد هذه الطبقة المسحوقة..؟!
الجواب لا شك عندما نعترف بالخلل نكتشف مكمنه
اللهم أصلح لنا شأننا كله إنك تعلم ما لا نعلم.
almajd858@hotmail.com