مع كثرة القنوات الفضائية الشعبية كثرت المناسبات التي نشاهدها عندما يمر المؤشر (الريموت) على القنوات الشعبية.
اختلاق الفرح مؤشر على عمق الحزن؛ واختلاق الوجاهة دليل على الإفلاس؛ ومع جمع النقيضين تكبر الهوّة التي يحاول أولئك أن يردموها ببذل المال وضياع الوقت في أرض لا تنبت إلا الخسارة، رغم وهج وضوء الكاميرات التي يسلطها المتكسبون على وجوه ضامرة إلا من وفرة المال.
وعندما تلقى نظيره على الحضور لمثل تلك المناسبات في تلك القنوات الشعبية ترى ورما دون صحة، وترى أجساداً يكسوها ملابس فضفاضة تنبئ عن خواء الداخل وضحالة الفكر وهشاشة التأثير في الحياة العامة، التي لها وزن في اتجاه الحياة الصحيح.
تبجيل وفخر وخواء ينبئ أن هناك ظواهر صوتية فقط؛ وتلك الظواهر الصوتية بدأت في النمو على هامش المجتمع وتكاثرت مثل النباتات التي تمتص المياه والتربة دون أن يكون لها ثمرة يجني قطافها أحد؛ ودون أن يتجلى الفرح الصادق في فجرها؛ إلا فرحاً مصطنعاً كانعكاس على كثرة ووفرة الخواء الذي يتيه فيه أولئك عبر شيء يفتعلون له مناسبات وهمية في مضمونها، وتزيد من تكدس وتكريس الظواهر الصوتية التي لها طنين مثل البعوض المزعج الذي تسمع صوته ولا تستطيع أن تراه إلا مزعجاً.
افتعال المناسبات الشعبوية التي نراها تبرز مثل حمى الخنازير شيء خطير ومزعج على نمو الحياة العاقلة المتزنة، والتي هي (أعني تلك المناسبات) لا تقدم بل تؤخر سير الاتجاه إلى الرقي واصطناع العقول الراقية وابتسامات الفرح الحقيقية وشتان بين أن تجد ابتسامة من القلب النقي الطاهر التي تعبر عنها، أو تأتيك صافية عبر أفق باسم الطلعة وبين ابتسامات مؤقتة صفراء تبرز أمام الطاميرات التجارية ثم تنطفئ منكفية على ذاتها، التي لا تحمل إلا الخواء والخيبة.
إذن، لا فرق بين عيون القطط التي نراها على الطرق محذرة من التجاوز عن المسار الصحيح، والتي تطاها كل لحظة عجلات السيارات العابرة، وبين ابتسامات أولئك الشعبويين الذين يوزعونها أمام الشاشات الشعبية في مناسبات مفتعلة، حتى يعي أولئك المنفقون أحوالهم رئا الناس على أوهام تختبئ عند انتهاء احتفالات الوهم المصطنع.
abo_hamra@hotmail.com