كتابة المذكرات الشخصية أو حتى تسجيل اليوميات الخاصة لمجرى الحياة العامة قد تبدو للبعض في لحظتها عمل لا داعي له، بل هو مضيعة للوقت، في حين أن المؤرخ يجد في هذه المادة كنزاً ثميناً، فكل رصد في حينه يمثل قيمة للحدث بل هو يضفي عليه ما هو أدق وأعمق وأكثر مصداقية.
وفي السابق يلاحظ أن تسجيل اليوميات كانت نهجاً عند الكثير من الأعلام العرب وأصحاب القلم، يستندون فيه على إدارك حقيقي لقيمة التسجيل والتدوين مما حمله لنا تاريخنا العربي بشكل عام.
ولعل من أهم الأعمال التسجيلية إظهار العصر لأسرار أهل العصر لإبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885ه) فهي تمثل يوميات رصد فيها البقاعي أحداثاً مهمة بشكل مسهب، وهذا الكتاب يمثل قيمة تاريخية كبيرة لدراسة الحياة الاجتماعية في مصر على وجه الخصوص، والأمثلة كثيرة لمثل هذا النموذج من يوميات نشرت واحتوت على معلومات قيمة وأحياناً نادرة.
وفي هذا الإطار تعد يوميات حسين عبدالله با سلامة التي نشرتها دارة الملك عبدالعزيز في هذا العام 1430هـ عملاً جيداً لأنه صدر عن حسين با سلامة الذي يعد أحد مؤرخي الجهاز وأدبائها، وله إسهامات في الحركة العلمية في الجهاز في العهد الهاشمي ثم عضواً في المجلس التأسيسي الذي وضع التعليمات الأساسية لمملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها في عام 1926م وعضواً في مجلس الشورى في عام 1927م، كما ساهم في عضوية لجان كثيرة وله مشاركاته المعروفة عند المتخصصين.
ورغم صغر حجم الكتاب إلا أنه احتوى على معلومات مهمة جداً تخص سنوات مهمة من مراحل التوحيد ألا وهي عامي 1925 - 1926م، يندر أن تجد مثلها في مصادر أخرى وأهميتها تعود إلى أنها مشاهدات شخصية لشخص شارك في صنع الأحداث في ذلك الوقت.
لقد أحسنت الدارة صنعاً في نشر هذا والمذكرات ولعلها تحظى بنماذج أخرى تعمل على نشرها دعماً للبحث العلمي ولتوفير مصادر أخرى لتاريخنا المحلي.