أوصى مجلس الشورى قبل فترة قصيرة برفع مبلغ القرض المقدم من صندوق التنمية العقاري من 300 ألف إلى 500 ألف ريال وتوحيده بين كافة المناطق بالمملكة من مدن ومراكز بعد أن كان هناك فرق لصالح المدن بمائة ألف ريال مع التوصية برفع رأس مال الصندوق من 90 مليار ريال إلى 200 مليار ريال كواحد من الحلول التي ستساهم بسد الفجوة للطلب على السكن والتي تقدر بأكثر من مليون وحدة سكنية. وتأتي هذه الخطوة التي تحتاج إلى دراسة إضافية وإقرار من مجلس الوزراء مع سلسلة من القرارات التي اتخذت من أطراف ذات علاقة لوضع سلة متكاملة من الحلول، ومن الواضح أن هذه التوصية تشكل حلقة من سلسلة قرارات اتخذت من ضمنها تأسيس هيئة معنية بالإسكان لتقف على التخطيط له مستقبلاً ووضع الحلول لأزمة الواقع الحالي كما أن صندوق سنابل الحكومي سوف يكون له مساهمة بالاستثمار العقاري بخلاف إنشاء شركة على غرار (فاني ماي) العالمية لتقوم بإعادة تمويل المؤسسات المتخصصة بالتمويل العقاري ويبدو أن التركيز أصبح واضحاً على السوق العقاري بالتوجهات الرسمية من أجل تنظيمه وسد الاحتياجات الحالية والمستقبلية وقبل ذلك قامت هيئة سوق المال بتنظيم طرح المساهمات العقارية من خلال إنشاء صناديق خاصة لها بخلاف الخطوات الأخيرة التي اتخذتها وزارة التجارة لحل مشكلات المساهمات العقارية المتعثرة منذ عقود، وتبدو هذه الخطوات وكأنها الضوء الأخضر لانطلاق أكبر عملية تنموية بالقطاع العقاري حيث يعتبر السوق السعودي أكبر الأسواق العربية لاستيعاب استثمارات ضخمة تقدر بأكثر من 1200 مليار ريال سعودي ولكن يبقى إقرار نظام الرهن العقاري هو من سيحرك هذا السوق باستكمال الأطر التنظيمية والتشريعية له؛ فكثير من المؤسسات التمويلية التي أسست للقطاع العقاري تمارس نشاطها على إطار ضيق إلى الآن منتظرة صدور التنظيم النهائي الذي سيطوي صفحة من الاجتهادات بهذا القطاع ليعلن عن مرحلة جديدة تتناسب مع متطلبات السوق الحالية والمستقبلية ولكن تبقى هذه الحلول جزءاً كبيراً ولكن هناك من الإجراءات التي يمكن اتخاذها ما يمكن أن يساهم بتسريع وتيرة تأمين متطلبات السوق بشكل متسارع؛ كالسماح للوزارات بإنشاء جمعيات سكنية لموظفيها على أراض تملكها تلك الوزارات ودعم التمويل من الصندوق نفسه، وكذلك العودة إلى إنشاء وحدات سكنية من قبل الصندوق وفق مواصفات مناسبة بالاتفاق مع أمانات المناطق على المخططات السكنية دون الحاجة للتمويل المباشر للأفراد وتوزيعها على طالبي القروض. وبالعودة إلى توصية المجلس حول رفع القرض فإنه مع زيادة رأس مال الصندوق سيلعب دور المنافس لشركات التمويل خصوصاً أن آليات تحصيل القروض أصبحت أكثر تنظيماً مما يعني استحواذه على نصيب الأسد ومن هنا تبدو أهمية تركيز الصندوق على شرائح معينة من طالبي القروض أكثر جدوى لتلبية احتياجات السوق ويعطي توازناً في قدرة جميع الشرائح على امتلاك مسكن مناسب لدخلها لأن مؤسسات وشركات التمويل ستكون تكاليفها باهظة على نسبة كبيرة من الموظفين بالمرحلة الحالية خصوصاً أن انخفاض التكاليف يتطلب تظافر جهود أخرى، كتأهيل شركات عالمية لمشاريع ضخمة بسوق الإسكان بخلاف الوطنية وأيضاً التشجيع على الاستثمار بمجال مصانع مواد البناء وتطبيق معايير صارمة على نوعيتها حتى تقل تكاليف الصيانة مستقبلاً.
إن سوق الإسكان كبير جداً ويحتاج إلى تكامل بالتنظيم والتعاون بين مختلف الجهات سواء بالقطاع العام أو الخاص حتى يصل إلى مرحلة من القدرة على تلبية الطلب المتنامي بشكل كبير والتحول نحو سوق جاذب للاستثمارات بشكل تتوازن فيه توفير الاحتياجات والإبقاء على الأسعار ضمن الحدود العادلة والمنطقية حتى لا يتحول إلى فقاعة ستشكل عبئاً كبيراً لحلها إذا ما وقعت لا سمح الله.
mfaangari@yahoo.com