الدمام - خالد المرشود
التأم المقهى الثقافي بنادي المنطقة الشرقية الأدبي مجدداً الأسبوع الماضي بتجربة نشاط مختلف، مسجلاً نجاحاً جديداً في استقطاب مشاركات محلية وخليجية وعربية تشارك فيه للمرة الأولى وذلك بعد انتقادات وجّهت إليه مؤخراً من داخله وخارجه من أطراف مختلفة حول طريقة إدارته، فيما شهدت أمسية المقهى التي انعقدت بكامل حضوره السابق، للمرة الأولى، مشاركات لقاصين عرب بعثوا بنصوصهم لإدارة المقهى كالقاص المصري الشربيني خطّاب والقاصة الكويتية لذة العتيبي، كما شهدت مشاركات من مناطق بعيدة في المملكة كمشاركة القاصة أميمة البدري من جازان والقاص حسن الشحرة من مكة المكرمة والقاص محمد الشمري الذي حضر المقهى للمرة الأولى.
وبالرغم من خطوته الجديدة التي دعا فيها المقهى القاصين من الجنسين عامة إلى المشاركة بنص واحد قصير، إلا أنه لم ينجُ هذه المرة أيضا من النقد إذ تجاوز عدد المشاركات العشرين قصة وقصة قصيرة جداً، لم يتمكن الحضور من استيعابها نقداً وتعليقاً ما استدعى انتقادات جديدة وجّهت لإدارة المقهى لما وصف ب (سوء في تنظيم الأمسية) من بعض الحضور، وهو ما وصفه منسق المقهى زكريا العبّاد خطأً طبيعياً مبرراً بكون التجربة جديدة حيث يقيمها المقهى للمرة الأولى، مضيفاً بأنه لم يتوقع أن تصل المشاركات إلى هذا العدد، واعداً أن تكون الأمسيات المماثلة القادمة أكثر تنظيماً.
وابتدأت الأمسية التي أدارها القاص عبد الله النصر بقراءة القاصة زهراء المدن لقصتيها القصيرتين جداً (مفاجأة، بطاقة الهاتف)، وقرأت القاصة فوزية العيوني قصتها (شرشف أبيض). وقرأت العيوني نيابة عن القاصة أميمة البدري قصتها (مواسم الفرح) وقرأت زهراء المدن نيابة عن القاصة أمل المطير قصتيها القصيرتين جداً (انجذاب، مدن) وعن القاصة والروائية مريم الحسن قصتها القصيرة جداً (أعداء).
ومن الجانب الرجالي قرأ القاص والروائي فهد المصبح قصته القصيرة جداً (انقلاب)، وقرأ المصبح قصصاً قصيرة جداً نيابة عن القاص المصري الشربيني خطّاب (الحديقة الجرداء)، وعن القاصة الكويتية لذة العتيبي (ميلاد)، ونيابة عن قاصين سعوديين من مناطق أخرى من المملكة قرأ المصبح لشيماء الشمري (خيبة)، ولحسن الشحرة (مقامات)، ولصالح مرزوق اليامي (الجريمة).
وقرأ القاص عبد الله الوصالي نيابة عن القاص عبدالحميد المحيميد قصتين قصيرتين جداً بعنوان (ذئب يوسف، مع الروح).
وشارك في الأمسية عدد من القاصين الذين قرؤوا قصصهم بشكل مباشر، إذ قرأ القاص والشاعر فواز عبد العزيز قصته (السموات والأرض)، وقرأ القاص موسى الثنيان قصته (للروح غناؤها)، وقرأ القاص زكريا العبّاد قصته (رائحة فمها)، وقرأ القاص عبد الله الدحيلان قصته (تفاح الجنة)، وقرأ القاص ناصر الحسن قصته القصيرة جداً (زائرة الليل)، وقرأ القاص والروائي هشام آدم قصته (لوحة للا أحد).
وفي جانب من التعليقات على القصص المقروءة قالت القاصة فوزية العيوني: إنها أعجبت كثيراً بقصة هشام آدم التي تحدّثت عن شخصية غير عادية معتبرة أنها من أفضل النصوص التي قرأت، مضيفة أنها تجدها نموذجاً للقصة القصيرة، كما أبدت إعجابها بقصة العبّاد إلا أنها انتقدت إيحاء النص بنهايته مبكراً قبل الوصول إليها ما يضعف عنصر المفاجأة مقترحة حذف الجزء الأخير من القصة، الرأي الذي اختلف معها فيه هشام آدم الذي رأى أن النهاية كانت مفاجئة بالنسبة له، وأشارت العيوني إلى إعجابها بنص الشربيني (الحديقة الجرداء) ونص (ذئب يوسف) للمحيميد.
وداخل القاص عبد الله الوصالي قائلاً: إن تتبع النصوص الكثيرة احتاج إلى الكثير من الجهد متمنياً على إدارة المقهى تجزيء القصص على جلسات عدة. ومضى الوصالي إلى التعليق على قصة عبد العزيز (السموات والأرض) مشيراً إلى استخدامها المونولوج واستفادتها من تقنية المسنجر ما يشير إلى تأثير تقنية الاتصال على كتابة جيل الشباب مستشهداً برواية رجاء عالم (بنات الرياض) منوهاً بفكرة القصة، وأضاف أن عشق الإنسان لمن لم يسبق أن رآه أو عرفه تكاد تكون من خصوصيات مجتمعنا التي تستخدم للالتفاف حول الممنوع والغائب من الحياة وقد تطوّرت وسيلته من الهاتف إلى الشات.
وأشار الوصالي إلى وجود حالة من السوداوية تعمق المفارقة في قصة القاصة أميمة البدري (مواسم الفرح) التي تلبست سواد الليل وارتدت بطلتها فستان الزفاف الأبيض إلا أنها اختتمت قصتها بالانتحار كإشارة إلى الخلاص رغم ابتداء القصة بعنوان (مواسم الفرح).
وحول قصتي المحيميد قال الوصالي: إنّ القصتين تشابهتا من حيث البداية وصياغة بعض الجمل إلا أنهما اهتمتا بخلق المفارقة. وأبدا الوصالي إعجابه بقصة الثنيان (للروح غناؤها) مشيداً باهتمامها بخلق المفارقة. ونوّه الوصالي باستفادة قصة مريم الحسن من الليل وتوظيف الظلام للتماهي مع الفكرة.
وانطلق الوصالي ليربط بين استفادة قصة الحسن القصيرة جداً من الليل وبين قصة عبد الله الدحيلان (تفاح الجنة) التي تدور الكثير من أحداثها في الليل إلا أنه انتقد عدم اشتغال القاص بشكل كاف على شخصية البطل الذي اعتبره واحداً من آلاف الناس الذين تضرروا بزمن النفط وفقدوا مصادر دخلهم. وأضاف الوصالي أنّ أمل المطيري استفادت من الفعل في قصتها القصيرة جداً وابتعدت عن الجملة الاسمية بظلالها الغنائية،وختم الوصالي بتهنئة القاصة زهراء آل مدن لنجاحها في كتابة نصّ متميز رغم قصره الشديد.
أما الناقد أحمد سماحة فأشار إلى افتقاد بعض النصوص لعنصر المفارقة، وانتقد كثرة التفاصيل في بعض القصص ما يجعلها أقرب إلى الحكاية منها إلى القصة، مشيراً إلى أهمية عنصر التكثيف والإيقاع السريع المتوافق مع الزمن في القصة القصيرة جداً مستشهداً بقصة (الحديقة الجرداء) التي نالت إعجاب العديد من الحضور منوّهاً إلى أنّ سبب تفوقها هو اعتناؤها بهذه العناصر، وهو ما غاب عن بعض القصص وجعلها تشعر المستمع بالملل. وأضاف أنّ مفهوم القصة القصيرة يحتاج إلى المزيد من الإيضاح لدى بعض المشاركين وهو ما لا يتسع له الوقت، الرأي الذي أكد عليه الروائي هشام آدم.
وتناول سماحة بعض النصوص بشكل مباشر قائلاً: إنّ قصّة العباد جيدة من حيث الفكرة لكنها احتوت على استطرادات ليس لها داع، وقال: إنّ القصة يجب أن توصل الفكرة بالحدث أكثر من الكلمات، كما انتقد غياب النهاية المفتوحة عن القصة بالرغم من وجود عنصر المفارقة التي تحتاج إلى التكثيف. وامتدح سماحة أنسنة الأشياء في قصة العيوني واستخدامها المفارقة بشكل جيد إلا أنه أشار إلى حاجة القصة إلى مزيد من التكثيف.
وأشاد سماحة بعنصر المفارقة والفكرة في قصة فواز عبد العزيز إلا أنه أشار إلى اعتماده على اللعب اللغوي أكثر من الاتكاء على الحدث، وأشاد بفكرة قصة الدحيلان إلا أنه أشار إلى وقوعها في الاستطرادات كما حدث في قصص أخرى، ولم تراهن على ذكاء القارئ فأوضحت له كلّ شيء، ولم تترك له النهاية ليشارك في صنعها.