من المعلوم لدى الأدباء ومتذوقي الشعر أن المبالغة في الشعر تحدث فيه حلاوة وطلاوة، وأن الكذب فيه بما لا يخل بشرف أو عقيدة أو دين أو أدب، مستحب، بل ربما مرغوب فيه، وقصيدة لا نجد فيها صوراً بلاغية يخلقها الخيال أو تترجمها الحقيقة هي أشبه ما تكون بمائدة بلا ملح، إن صح هذا الوصف لها، ولهذا، فإن الناس يعشقون الصدق في القصيد أو التحليق بالخيال إلى أبعد ما يكون في ذلك، ليعيشوا مع الشاعر فيما هو فيه من أجواء، وأحوال.
|
والقارئ يستحسن من الشاعر تضمين شعر غيره في شعره، خاصة إذا كان الشعر المضمن مما ينطوي على حكمة أو مثل كان يتردد على ألسنة الناس، كتصويره لواقع يشهدونه، ويعدون هذا التضمين من باب مقدرة الشاعر المضمن على تطعيم شعره بما هو مشهور من أشعار الآخرين الذين يعدون من قادة الشعراء وأمرائه، وحاملي ألوية الشعر في عصورهم.
|
والتضمين يدل على ثقافة الشاعر واطلاعه الواسع على شعر القدامى الذين اعتني به كتراث له قيمة فرضت علينا الاتصال به وتواصلنا بواقعه.
|
وحول ملاحظة التضمين تتولد ملاحظة مهمة أخرى ألا وهي الاقتباس من القرآن ومن السنة المطهرة وبهذه الملاحظة نستدل على ثقافة الشاعر الإسلامية.
|
وختام هذه الخاطرة القصيرة، أرى أن نستشهد بقول الشاعر عبدالمحسن الصوري الذي اقتبس من القرآن الكريم في قوله:
|
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف1 |
وتاب مما قد جناه واقترف |
لقوله (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ |
إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) |
ونص بقية الآية: (وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ).. الآية 38 من سورة الأنفال.
|
1 مجمع الأمثال والحكم لأحمد قبش ص 335 |
|