بالوقت الذي تسابق المملكة الزمن لجذب المستثمرين من الخارج تقوم بدور مماثل بفتح آفاق الاستثمار أمام رجال الأعمال السعوديين بسلسلة طويلة من إجراءات دعم كبيرة تقدم لهم سواء بإنشاء المدن الصناعية وتقديم تسهيلات مالية وتنظيمية متنوعة.
ونتيجة لذلك يقدم رجال الأعمال المحليون على الاستثمار بالداخل ولكن يظهر لدى البعض هدف واحد يتمثل بالربح فقط وهذا حق مشروع ولكن يقابله أيضاً انتظار فوائد إيجابية على الوطن ككل اقتصادياً واجتماعياً وثقافية والكثير من المعطيات الأخرى ونجد أن المستثمرين بالغرب والشرق قدموا لدولهم مردودا كبيرا جداً من خلال دعم التطور التنموي وابتكار منتجات عادة على اقتصادياتهم بأرباح لا تقدر بثمن وكذلك دعم المخترعين وتمويلهم مادياً حتى وصلوا إلى مرحلة إظهار ما ابتكروه إلى النور ويحدث ذلك منذ بدايات النهضة الصناعية الكبرى بالغرب من نهايات القرون الوسطى.
لكننا ما زلنا نرى في العديد من المشاريع لدينا تحقيق جانب الربح لمالك رأس المال رغم ما يستفيده من دعم كبير ولم نسمع إلا القليل من المشاريع الاجتماعية وغيرها من قبل شركات كبيرة لدينا برغم ما تمثله من خطوة بالاتجاه الصحيح إلا أنها تبقى محدودة أمام حجم المجتمع السعودي والتوزيع فيه على كافة المناطق.
ودائماً ما تصطدم المطالبات للقطاع بدور أكبر لخدمة المجتمع بمطالبات معاكسة فموضوع البطالة لدينا يطلب لتحقيق فتح فرص العمل تطوير مخرجات التعليم وقد قامت الحكومة بأكبر مشروع نهضوي بالتعليم حيث تنتشر الجامعات بكافة المناطق وبتخصصات مختلفة بخلاف كليات تقنية ومعاهد فنية وغيرها وما زلنا نسمع الاسطوانة المشروخة (تطوير مخرجات التعليم) والحقيقة السؤال الذي يطرح نفسه هل الدول التي تمثل عمالتها نسبا كبيرة بالمملكة أرسلت لنا متعلمين من نوع آخر أليس الغالبية تتعلم وتكتسب الخبرة هنا فأين دور الشركات والمصانع بإكساب الخبرة لجيل المتعلمين لدينا وما هي الأدوار التي يقومون بها فأغلبها بتنشيط من جهات حكومية ومبادرات رسمية.
ثم نأتي إلى نقطة مهمة وهي موضوع تنويع قاعدة الإنتاج بما يكفل تأمين جزء من الطلبات على السلع والخدمات يحقق توازناً في معادلة التضخم المكتسب من الخارج كوننا مجتمعا استهلاكيا والقوة الشرائية لدينا كبيرة فالأسعار لدينا ترتفع بشكل سريع فمعدل التضخم ارتفع بين شهري أبريل ومايو من 4.5 بالمائة إلى 5.5 لمجرد ارتفاع البترول وارتفاع قيمة الدولار قليلاً مما يعني عدم فاعلية ما ينتج محلياً بتخفيف الآثار الخارجية بالوقت الذي نسمع فيه عن مطالبة مصانع بتعويض عن انقطاع الكهرباء قبل عدة أسابيع بحجة أنها تكبدت خسائر وينسى أن سعر الكيلو وات يقدم لهم بسعر 12 هللة وبنصف سعر ما يدفعه نظيرهم بدول خليجية مجاورة رغم الحاجة الكبيرة لاستثمارات بمئات المليارات لزيادة الكهرباء والذي تتولى الدولة جل الالتزام به بالوقت الذي نجد أن من يستثمر الآن لزيادة الإنتاج الكهربائي أغلبهم من الخارج لم نسمع عن تحركات محلية من القطاع الخاص بمبادرات مماثلة بخلاف تحرك البنوك للتمويل.
ومع صدمة الأزمة المالية العالمية دار الحديث عن مئات المليارات من الدولارات مستثمرة بالخارج لرجال أعمال سعوديين وبالتأكيد الكثير منهم تعرض لانخفاض حاد بقيمتها بالوقت الذي نجت استثماراتهم المحلية من مخاطر عديدة ونسأل هنا ألم يحن الوقت لتغيير الاستراتيجية الاستثمارية وأسلوب التعامل معها ليصبح شراكة كاملة تحقق فوائد كبيرة لهم وللمجتمع من خلال رفع مستوى الدخل والخبرة والعلم ومفهوم ثقافة العمل وتوليد طاقات شابة تسهم بفتح استثمارات لها كما خرجت من رحم شركة انتل لرقائق الكمبيوتر شركات تنافسها الآن عائدة لموظفين عملوا فيها والقياس على ذلك لا حصر له بمجتمعات مختلفة لا ننكر وجود نماذج إيجابية في مجتمعنا مختلفة النشاطات ولكن تبقى الظواهر المماثلة بالشراكة السلبية والتي تعود فائدتها لطرف واحد غالباً هي العنوان الأبرز حالياً.
mfaangari@yahoo.com