Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/07/2009 G Issue 13445
الثلاثاء 28 رجب 1430   العدد  13445
الخطوط البريطانية ومعاناة مواطنة
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

(نُقدر معاناتكِ ونتمنى أن نراكِ مرة أخرى على متن خطوطنا). هذه العبارة التي تضمنتها رسالة الرد التي تلقتها إحدى الأخوات من الخطوط البريطانية رداً على رسالتها لهم المتضمنة وصف ما حدث لها على إحدى رحلات تلك الخطوط.

فقد حصلت إحدى المواطنات (يحتفظ الكاتب باسمها) على تأشيرة دخول لكندا لزيارة ابنتها التي تدرس في تورينتو، وقد تم تحديد مدة صلاحية التأشيرة حتى الثامن من يوليو للعام 2009م، وقد سافرت مع ابنتها في الزيارة الأولى لتورينتو، وعند عودتها أضاعت الشركة إحدى حقائبها في مطار لندن بما تحتويه من حاجيات ومقتنيات ثمينة، وتم الاعتذار لها بحجة أن الصالة التي ضاعت فيها حقيبتها تكثُر فيها الحوادث من هذا القبيل، وأن العمل جارٍ لتحسين الخدمة وتغيير العاملين.

وعندما رغبت بزيارة ابنتها للمرة الثانية للاطمئنان عليها، قامت تلك المواطنة بشراء تذكرة سفر على الخطوط الجوية البريطانية على أن تكون الرحلة من الخبر إلى تورينتو بكندا مروراً بالمنامة ولندن. وفي يوم سفرها في السابع من يونيو 2009م تم التأكد كالمعتاد من أوراقها الرسمية وتأشيرة الدخول لكندا من قبل موظفي الشركة في محطتي الخبر والمنامة، وأبلغوا الراكبة بصحة وصلاحية جواز سفرها وتأشيرة الدخول لكندا.

وعند وصولها إلى لندن (ترانزيت) وبعد عناء الانتظار لساعات ست وقبيل دخولها للطائرة التي ستقلها إلى تورينتو، تم إبلاغ الراكبة بأن تأشيرة الدخول الخاصة بها غير صالحة حيث سبق لها أن استخدمتها في رحلة سابقة وهي - أي التأشيرة - صالحة للسفر فقط لمرة واحدة. وقاموا بسؤالها عن الكيفية التي تم السماح لها من قبل موظفي الشركة بالمغادرة في محطتين مختلفتين (الخبر والمنامة) وكيف أنهم لم يقوموا بإبلاغ الراكبة وتنبيهها بأن التأشيرة غير صالحة للاستخدام لأكثر من مرة، وهو ما يُعد من صميم عملهم وجزء من مسؤوليتهم. ثم طلبوا منها العودة للسعودية وتم بالفعل تسفيرها في اليوم نفسه إلى جدة.

تخيلوا مواطنة تم التأكد من تأشيرتها من جهتين مختصتين لمكتب الخطوط الجوية البريطانية في الخبر والبحرين ثم يُطلب منها العودة من حيث أتت في مطار ثالث بحجة عدم صلاحية تلك التأشيرة. إلى هنا والأمر يكاد يكون طبيعياً في ظل ما تتمتع به أي دولة من سيادة مطلقة في تحديد المدة التي ينبغي السماح خلالها بدخول أراضيها وإن كان يجب أن يتم الإعلان عن تفاصيل ذلك حتى يتم تلافي أي موقف قد يتعرض له المسافرون فضلاً عن وجوب إبلاغ الجهات المسؤولة من جوازات وموظفي خطوط عن تفاصيل ذلك حتى يقوموا بدورهم بإبلاغ وإرشاد المسافرين. المهم أن الأمر يكاد يكون طبيعياً إلى هنا، لكن أن يتم السماح للراكب من قبل جوازات المطار وقبلهم يتم السماح لها من قبل موظفي الخطوط البريطانية وعندما يتم إيقافها في مطار دولة أوروبية ولا يسمح لها بمواصلة الرحلة بل والعودة إلى حيث أتت بسبب عدم كفاية مدة تأشيرة الدخول الخاصة بها، وألا يتم بعد ذلك إعلان جهة ما مسؤوليتها عن ذلك، فهذا ما لا أعتبره طبيعياً. فقد أرسلت الأخت المواطنة (أحتفظ بجميع الوثائق الخاصة بها) تشتكي حالها بعد معاناة طويلة تكبدت خلالها متاعب السفر المعنوية والمادية، وما تتضمن ذلك من حصولها على إجازة خاصة لزيارة ابنتها المبتعثة وترتيب أغراضها وإعلان سفرها وشراء تذاكر سفر ومعاناة إيقافها وحيدة في مطار لندن لمدة طويلة ومن ثم إعادتها لبلدها الأصلي؛ ما دفعها لكتابة خطاب للخطوط البريطانية تشرح من خلاله ما سبق علّها تجد من يتعاطف معها. وقد جاء رد مسؤولي تلك الخطوط غاية في التهذيب مطالبين إياها بضرورة مراجعة مكتبهم في الخبر لاستلام تعويض مالي عن التذكرة التي لم يتم استخدامها كاملة قسراً، مقرّين بذلك ومعترفين بخطأ موظفي المكاتب الأمامية لديهم. وبعد ذلك فوجئت تلك الراكبة بمكتب الخطوط يبلغها بعكس ما ورد بخطاب الخطوط البريطانية؛ الأمر الذي دعاها لمخاطبة مكتب الخطوط البريطانية في لندن للاستفسار عن الأمر، وقد جاء ردهم أخيراً بأنه لا يحق لها مطالبتهم بشيء وأنها - أي الراكبة - تتحمل مسؤولية التأكد من صلاحية تأشيرتها، متمنين أن تسعد مرة أخرى بالسفر من خلال الخطوط البريطانية.

هكذا ببساطه تم التعاطي مع قضيتها. كُل ما حصلت عليه هو تمني مسؤول التسويق بالشركة تلك أن تقوم بالتفكير مجدداً بالسفر على متن خطوطهم بعد أن ذكر لها جملة واحدة فقط مفادها أنه لا يحق لها المطالبة بأي تعويض عن الجزء الذي لم يُستخدم من تذكرتها دون حتى اعتذار بسيط لما عانته تلك المسكينة من مآس ومتاعب نفسية وجسدية ومادية جسيمة.

تساؤلي هو: ماذا لو ما حدث ذلك في دولة أخرى ولمواطنة أخرى أوروبية أو أمريكية مثلاً؟ هل ستكتفي تلك الخطوط البريطانية بتلك الكلمات فقط دون اعتذار أو تعويض عما حدث؟

مَن يستطيع أن ينصف تلك الراكبة ويُعوضها عما تكبدته من أضرار مادية ومعنوية نتيجة ذلك؟ ومَن يتحمل مسؤولية ما حدث لها؟

أم أنه يكفيها مكرمة الشركة عليها برد فقط من خلال رسالة أو بريد إلكتروني؟

إلى لقاء آخر إن كتب الله...



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد