لم يَعُد مستغرباً أن نسمعَ يومياً عن فتاةٍ طلبتِ النجدةَ من الهيئةِ لتخليصِها من شابٍ أرغمَها على مجاراتِهِ والرضوخِ لمطالبِهِ، حتى كادت أن تكون الهيئةُ ملجأً لكلِّ من تورّطَ بممارسَة الخطأَ، فيطلبُ النجدةَ!
ولقد أصبح الدخول لمواقعِ الشات أو مكالمةِ الفتياتِ تجربة تشدُ الشاب، فصار يغري الفتاةَ بشحنِ جوالِها مجاناً دونَ اللجوءِ لأسرتِها في ظلِّ توفرِ هذا الجهازِ الخطيرِ بمتناولِ أيدي المراهقين والمراهقات! وتزدادُ خطورةُ الأمرِ بنشوء علاقةٍ عاطفيةٍ بينَهما، مما يدفعُ الشابَ أحياناً للسرقةِ لأجلِ توفير متطلّبات الفتاةِ بغرض ابتزازها! وتختلطُ الأمورُ فلا تكادُ تعرفُ من هو الجاني ومن هو الضحيةُ؟ هل هو الشابُ الذي يقترفُ عدّة جرائم؟ أم الفتاةُ التي تستمرئُ الخطأَ وتسيرُ فيه دونَ اعتبارٍ للشرعِ أو تقديرٍ للأعرافِ، أو احترامٍ لأسرتِها التي تنتمي إليها وتحملُ اسمَها؟!
وأيّاً كان الأمر، فعلى الفتاةِ التي عرَّضتْ نفسَها للابتزازِ ووقعتْ فريسةً له أن تُظهرَ شجاعتَها برفضِهِ والمسارعةِ لإبلاغِ أسرتِها أياً كانت النتائج، فما تراهُ فضيحةً في البدايةِ، هو في النهايةِ إنقاذٌ لها من العار. فلتبادرْ بالتبليغِ وطلبِ المساعدةِ، فهذا من شأنِهِ زرعُ الخوفِ في نفوسِ الشبابِ والحدّ من اندفاعِهم ووقفُ مظاهرِ الابتزاز، فمحافظتهم على سمعتهم تساوي محافظة الفتاة على شرفها.
والابتزاز قضية ذات قطبين متساويين تماماً، فلا يمكن تحميل الشابِ وحدَهُ جريمةَ الابتزازِ، حيث تشتركُ الفتاةُ في جلبِ الشرِّ لنفسِها، وكما ينبغي التعاملُ مع بعضِ الحالاتِ جنائياً، يحسنُ التعاملُ مع بعضِها الآخر علاجياً، فهذا الفعل رغم كونه سلوكاً سيئاً بينَ فتاةٍ وشابٍ إلاّ أنّ علاجهُ يُعَد حمايةً للمجتمع بكاملِه.
إنّ استمراء الخطأ أياً كان شكله، أو مبرراته، ما هو إلاّ عجز عن أخذ زمام النفس ولجام الضمير، وجذب رسن العقل عن الوقوع في الهوى. وبالمقابل فإنّ ترويض النفس لنهج الطريق السليم، ونبذ الخطأ، وكراهية السير فيه، ومقت الاستمتاع بغير ما أحلّه الله من قول السوء، أو فعل المنكر، أو سلوك الباطل، والأخذ بما يقبله الشرع، هو تقوى وقوة وشجاعة وموافقة للفطرة السليمة، وكبح للهوى. فما رأيت مثل الهوى قاتلاً، والانحراف عن الصراط مهلكاً!
وحريٌ بكلِّ فتاةٍ المحافظةُ على نفسِها من الدخول في مواقعِ التهمِ، وبؤرِ الفسادِ. فما سمعتُ قط عن فتاةٍ حافظتْ على نفسِها بأستارِ الحياءِ والاحتشامِ قد تعرّضتْ لاستدراجٍ أو وقعتْ فريسةَ ابتزازٍ. والشرُّ يعرِفُ أهلَهُ كما هو الخيرُ تماماً! ولا تتوقعُ فتاةٌ أنّ باستطاعتِها الإفلات من مخالبَ مبتزٍ، بعد أن سلّمتْهُ الزمام، سواءً بصورٍ شخصيةٍ أو مكالماتٍ ندية. ومع تلك الاحتياطاتِ والتحذيراتِ لابد أن تدركَ بناتُنا أنّ الذئابَ البشرية عادةً لا تنقضُّ إلاّ على القاصيةِ البعيدةِ عن العيون! فلتزمْ الفتاةُ أمَّها وأسرتها ولا تفارقْها ما استطاعتْ، حتى لا تندمَ. ولا تتبعْ المغررين لها بتزيينِ الخطأ في عينيها.
فحين تسقطُ سينفضُّ الجميعُ، وتبقى وحدَها تقطعُها سكاكينُ الشماتةِ، وسيوفُ الندمِ!
rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342