«الجزيرة»- شالح الظفيري:
توقعت دراسة اقتصادية عدم وقوع العجز المقدر بنحو 65 مليار ريال في الميزانية التقديرية للمملكة لعام 1430 - 1431 في الموازنة الفعلية للعام نفسه، مستندة في ذلك إلى حرص وزارة المالية وتحفظها عند إعداد الميزانية على تقدير الإيرادات بأقل من السعر السائد والمتوقع والتقدير الدقيق للطلب على النفط في الفترات القادمة.
وقدرت الدراسة التي أعدها مركز البحوث والدراسات بغرفة الرياض أن تكون وزارة المالية قد بنت تقديراتها لسعر النفط بأقل من 40 دولاراً للبرميل، في حين يتوقع أن يتجاوز متوسط سعر البرميل في 2009، ليصل إلى 50 دولاراً، في الوقت الذي تشير فيه التوقعات المتفائلة إلى أن يصل المتوسط إلى أكثر من 60 دولاراً للبرميل. وقالت الدراسة إنه من واقع توجهات المالية خلال الموازنات السابقة في تقدير الإيرادات فإنه يتوقع حدوث فائض في إيرادات الميزانية الجديدة ما يؤدي إلى تلاشي العجز فيها.
وفي مقارنتها بين الميزانية الجديدة والسابقة، كشفت الدراسة أن أدوات السياسة المالية تستخدم بإحكام لتحقيق الإيجابية للاقتصاد الوطني وعدم تأثره بشكل يضعف نموه، حيث أشارت في هذا الجانب إلى أنه في العام 2008، تم تقدير النفقات العامة بأقل من الإيرادات وذلك بغرض تقليص النفقات لمواجهة توقعات التضخم، مبينة أن التوجه في الميزانية الجديدة استهدف استخدام أدوات السياسة المالية لتحريك النشاط الاقتصادي لمواجهة الركود الاقتصادي العالمي، عن طريق زيادة النفقات العامة وتوفر السيولة المحلية المناسبة، وهو ما تميزت به ميزانية 2009 إذ تم ضخ اعتمادات بجانب النفقات الاستثمارية في مشاريع تنموية تنعكس في استمرارية النمو الاقتصادي بالمملكة خلال الفترة المقبلة، وتشكل هذه الاعتمادات أكثر من 225 مليار ريال بزيادة 36% عن ما تم اعتماده في ميزانية 2008، كما تمثل 47.4% من إجمالي حجم النفقات العام في الموازنة التقديرية لعام 1430 - 1431.
وأكدت الدراسة أن معدلات النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني الذي قدر في 2008 بنحو 22% بالأسعار الجارية و4.2% بالأسعار الثابتة أنها معدلات عالية ومقبولة، وقالت إن الاحتياطات النقدية المتاحة للدولة ستمكنها من تجاوز آثار الأزمة المالية في الوقت الراهن وخلال الفترة المقبلة ما سيجعلها قادرة على سد أي عجز متوقع بالإضافة إلى التوسع في النفقات العامة مما يحفز لأداء اقتصادي إيجابي.
وفيما يتعلق بالصناديق السيادية، أوضحت الدراسة أن توجيهها إلى الاستثمار في الداخل يزيد النمو الاقتصادي ويحد من التأثيرات الخارجية, وقالت إن من الأمور التي تدعو للتفاؤل توجه الدولة لإنشاء المدن الاقتصادية التي ستحدث نقلة نوعية وتسرع عجلة النمو الاقتصادي في المناطق الأقل نمواً بالمملكة من خلال ضخ نحو 255 مليار ريال كاستثمارات في هذه المناطق خلال العشر السنوات القادمة.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين صحة نتائج الدراسة وقال: (كنت أشرت مطلع العام الحالي إلى أن 2009 ربما انتهى بتحقيق الموازنة فائضاً بدلاً من العجز المتوقع، وأكدت على ذلك في محاضرة ألقيتها بغرفة الجبيل، وهو ما تؤكده هذه الدراسة. وإذا استمرت أسعار النفط في التحسن، وحافظت على مستوياتها الحالية فمن الطبيعي أن تحقق الموازنة فائضاً حقيقياً بعكس التوقعات).
وأوضح البوعينين إن ما تم إنفاقه على مشروعات التنمية يفوق بكثير التوقعات، خاصة مع وجود الأزمة الاقتصادية العالمية. وأضاف: (لم يكن الإنفاق موجهاً لبناء البنية التحتية فحسب بل تجاوزه إلى قطاعات الإنتاج، ولعلنا نشير إلى المشروعات الضخمة التي دشنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين).
وشدد البوعينين على أن توجيه جزء من استثمارات الصناديق السيادية إلى الداخل أمر لا يمكن التخلي عنه خاصة في مثل هذه الظروف الحرجة، مشيراً إلى أن الاقتصاد السعودي يحتاج إلى قطاعات صناعية وتقنية منتجة، وأن بعض قطاعات الإنتاج في حاجة إلى الدعم الحكومي المباشر، ويمكن للصناديق السيادية المشاركة باستثماراتها لدعم شركات الداخل لتحقيق الربحية، والتنمية في آن واحد.