لا ترتبط كفاءة الأسواق المالية وقوتها كما يراها المختصون في علوم المالية والاستثمار بقيمة تداولاتها ولا بعدد شركاتها المدرجة أو كمية الأموال المستثمرة بها، بل بمدى قدرة الورقة المالية المتداولة فيها (سواء كانت سهماً أو سنداً) على عكس جميع المعلومات المرتبطة بها والمؤثرة فيها لجميع المتداولين في وقت واحد، وهذا لن يتم إلا بوجود إطار قانوني يكفل ذلك
وجهاز تنظيمي فعّال قادر على تطبيق الأنظمة وضبط المخالفات ومعاقبة المتجاوزين.
فالأسواق المالية تعد بيئة خصبة لعمليات الغش والتلاعب، لذا يتم بناء أنظمة هذه الأسواق وقوانينها على قواعد راسخة من التشريعات المحققة لأعلى مراتب الشفافية وأقصى درجات الإفصاح التي تكفل تحقيق العدالة بين المتداولين فيها، فالكشف عن وجود تلاعبات في أي سوق مالي لا تؤثر في سمعة السوق كما يظن بعضهم، بل تعطي انطباعاً حسناً عن فعالية وقدرة الأجهزة المنظمة له على تطبيق القانون ومراقبة السوق ورصد المخالفات، وما أعلنت عنه هيئة السوق المالية مؤخراً من معاقبة (لعضو مجلس إدارة) قام بالتداول بناءً على معلومات داخلية و(مدير محافظ استثمارية) في أحد البنوك خالف لائحة سلوكيات السوق وعدد من (الشركات) المخلة بقواعد التسجيل والإدراج إلا دليل واضح على أن نزاهة السوق تعد مصلحة عامة ومسؤولية الجميع.
ولن تحقق السوق المالية وظيفتها الأساسية المتمثلة بحشد المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار المنتج إلا بتعاون جميع الأطراف العاملة في السوق من (إدارات شركات، وأعضاء مجالس إدارة، وشركات وساطة، ومديري محافظ، ومساهمين، ومحاسبين قانونيين) مع هيئة السوق المالية لتحقيق النزاهة وكسب ثقة المستثمر, فمع بوادر نضوج سوق المال السعودي وفي إطار الإجماع على تحقيق الشفافية لم يعد من المقبول إلقاء اللوم في ضعافها على طرف دون آخر، فالشفافية وبعيداً عن مسؤولية الضمير ومثالية الأخلاق هي ثقافة لابد أن تغرس ونبت لا بد له من رعاية.