«الجزيرة» - عبدالله الباتلي :
لم يستطع المدرب الهولندي الشهير مارتن يول إخفاء دهشته البالغة وهو يشاهد أمامه هذا الكوري الجنوبي الموهوب -والمولود في الثالث والعشرين من شهر إبريل عام 1977 في مدينة هونجتشيون الكورية الجنوبية- وهو يحرث ملاعب البريمير ليج الإنجليزية حاملاً شعار توتنهام هوتسبير عندما كان مارتن يول قائد الفريق الفني موسم 2005، وقال عنه يول آنذاك: (لقد أحضرت أفضل ظهير أيسر في هولندا، وأحد أفضل الأظهرة الهجوميين في أوروبا الآن)، وذلك لما عرف عنه من سرعة خارقة ومهارات ليست مألوفة من أبناء جلدته، وكان يول بالتأكيد يتحدث عن الظهير الكوري الأبرز في السنوات العشر الأخيرة (يونج بيو لي).
خلال مشواره الاحترافي لعب يونج بيو لنادي (أنيانج إل جي تشيتاس) المحلي، قبل أن ينتقل إلى أوروبا عبر بوابة بطل هولندا (بي إس) في آيندهوفن مدة موسمين، استحق خلالها إشادة أسطورة التدريب الحية الهولندي جوس هيدينك الذي كان يدرب (بي إس) في آنذاك وكان قد درب يونج بيو من قبل ضمن منتخب كوريا الجنوبية مستضيف مونديال 2002، وخلال تلكما السنتين استحق الكوري لقب أفضل ظهير أيسر في الدوري الهولندي موسم (2004 - 2005)، قبل أن يقتنصه نادي السبورس الإنجليزي توتنهام في أواخر أغسطس من عام 2005 بعد مناوشات عنيفة مع صفوة الفرق الإيطالية للظفر بالظهير المجنح، وبعد (3) مواسم ناجحة إلى حد ما واصل يونج لي ترحاله منتقلاً إلى الأراضي النازية مرتدياً قميص النحل القاتل (بوروسيا دورتموند) مطلع موسم 2008، قبل أن يعود منتصف العام الحالي إلى قارته الآسيوية يحمله الحنين، ولكن عودته تلك لن تكون عادية، فقد أتت عن طريق زعيم تلك القارة.. (الهلال).
التلميذ يونج بيو
كما هي العادة في كوريا الجنوبية يبرز
أغلب النجوم الدوليين من خلال فرق الجامعات الكورية، مما يجعل أكثر نجوم المنتخب والفرق المحلية على مستوى عالٍ من الثقافة والعلم إلى جانب المهارات والفنون الكروية.
وفي ساحات جامعة كونكوك الكورية تفجرت مواهب يونج بيو ذلك الطالب المتديّن الخجول منذ انضمامه لفريق الجامعة الرسمي عام 1997، ليمضي عامين لفت خلالهما أنظار كشافة فرق دوري الدرجة الأولى الكوري خصوصاً بعد انضمامه إلى منتخب كوريا الوطني تحت 23 سنة، حيث لعب ضمن صفوفه 16 مباراة خلال آخر سنة له في الجامعة وسجل خلالها هدفين، وبعد تلك القفزات وتقدم عدة أندية محلية بعروضها رأى يونج بيو أن الانضمام إلى فريق (أنيانج إل جي تشيتاس) الكوري مطلع عام 2000 هو القرار الأصوب، وخلال موسمين له فقط مع فريقه الجديد كتب يونج بيو لي أولى صفحات مجده الشخصي محققاً مع فريقه المغمور أول لقب دوري محلي عام 2000، كما حقق معه لقب كأس السوبر في الموسم التالي مباشرة لتحدق به أعين كشافة القارة العجوز على الرغم من قصر تجربته وعدم القدرة على الحكم على فريقه المغمور.
المجد ويونج وهيدينك
لم يكن أحد ليصدق ما فعلته كوريا الجنوبية في المونديال الكروي العالمي الذي استضافته بالمشاركة مع اليابان؛ فتأهل المنتخب الكوري إلى الدور نصف النهائي كان إنجازاً يحسب للهولندي المحنك الذي لا يعرف المستحيل (جوس هيدينك) يشاركه نجوم قادتهم هتافات جماهيرهم المجنونة التي زفت الفريق إلى دور الأربعة حينما توقف الحلم، وبعد تلك الليالي الملاح قرر هيدينك -كعادته- إيقاف رحلاته قصيرة المدى رغبة في ترك الذكريات الجميلة وهي في أوجها، فحزم حقائبه باتجاه آيندهوفن الهولندي ولكنه لم يرحل وحيداً، فقد حزم معه اثنين من ألمع نجومه في فريق الأحلام الكوري آنذاك.. وكان هذان الاثنان هما نجم مانشستر يونايتد الحالي (بارك جي سونج) ونجم الهلال الحالي (يونج بيو لي).
ومع بطل هولندا لعب يونج بيو موسمين رائعين حمل فيهما شعار النادي في 81 مباراة مسجلاً خلالها هدفاً وحيداً، وتمكن النجم الكوري من إثبات وجوده أساسياً في وقت قصير متبعاً توجيهات قائده وملهمه هيدينك باهتمام، وكان أبرز ما لاحظه النقاد الكرويون حول مستوى يونج بيو لي ضمن الدوري الهولندي آنذاك هو معدل لياقته المرتفع وسرعة تأقلمه مع الدوري الجديد، كما أن موازنته بين الجانبين الهجومي والدفاعي -بامتياز في كليهما- كان أحد أكثر الأسباب التي دعت الأنظار لتتجه إليه أكثر من أي وقت مضى، وكما سبق وأن أشرنا، فقد نال جائزة أفضل ظهير أيسر في هولندا في أول موسم له مع الفريق، كما حقق معه لقب الدوري الهولندي الممتاز عام 2003 وأما في عام 2005 فقد زاوج بين لقبي الدوري والكأس الهولندية، وكان أداؤه متناغماً حد الإمتاع مع ابن جلدته بارك جي سونج، وكانا سببين فاعلين في وصول الفريق إلى الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا موسم 2005 إلا أن الفريق خرج على يد العظيم ميلان آنذاك.
يونج ورغبة التجديد
على الرغم من الراحة التي وجدها يونج بيو لي مع بطل هولندا، وعلى الرغم من سعي الفريق الهولندي الحثيث لإبقائه معه وتمديد عقده مدة أطول، إلا أن الملل بدأ يتسلل إلى نفس الكوري المبدع، وبدأت نفسه تراوده بتجربة جديدة، ولم يكن عليه سوى أن يختار من بين العروض التي انهالت عليه بمجرد أن انتشرت الإشاعات الصحفية معلنة رغبته في الرحيل، إلا أن يونج وجد أن عرض النادي الإنجليزي توتنهام كان الأكثر إثارة لاهتمامه، وفي أغسطس من عام 2005 وقع يونج بيو لي مع نادي توتنهام عقداً يمتد لمدة 3 سنوات خاض خلالها سبعين مباراة.
ولم يكن هناك أحد أسعد من الهولندي مارتن يول مدرب السبورس - لقب توتنهام- الذي أكد في المؤتمر الصحفي أنه استقطب أفضل ظهير أيسر في هولندا وأحد أفضل أظهرة أوروبا عام 2005، وسرعان ما ثبت لي أقدامه ضمن قائمة الفريق الأساسي حتى بات مستواه يتذبذب منتصف الموسم مع انخفاض مستوى فريقه بشكل عام.
الأيسر يبدع كأيمن
ومع بدايات موسم 2006 انتقل لي إلى الجهة اليمنى من ملعب توتنهام مغطياً الجهة بأكملها هجوماً ودفاعاً كما كان يفعل في آيندهوفن ولكن مع تغيير الخانة تماماً، فأبدع لي عدة مباريات حتى أتت مباراة الديربي اللندني ضد الغريم التقليدي أرسنال، وفي تلك المباراة دخل لي كبديل وأحدث نقلة نوعية في أداء توتنهام بشكل لم يغب عن عين يول الذي عول عليه بعدها أساسياً في القادم من المناسبات قبل أن تأتي الطامة بإصابته في الركبة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي ضد إشبيلية الإسباني وأنهت تلك الإصابة موسمه مبكراً.
وفي الموسم الذي يليه تعاقد توتنهام مع النجم الصاعد جاريث بالي مما جعل فرصة الاستحواذ على خانة الظهير في الفريق أصعب على يونج بيو فقرر الرحيل.
بين البوندزليجا والزعيم
في 27 أغسطس من عام 2008 أراد لي تجربة دوري آخر جديداً هو الدوري الألماني (البوندزليجا) ممثلاً صفوف فريق النحل القاتل (بوروسيا دورتموند) مقابل قيمة غير معلنة، وخلال موسمه الأول لعب لي 13 مباراة مع الفريق الألماني قبل أن يعلن الفريق لوسائل الإعلام مع نهاية العام تمديد عقد اللاعب حتى نهاية موسم 2010 نظراً للمستويات الرائعة التي قدمها. إلا أن شهر يوليو من عامنا الحالي حمل مفاوضات جادة من قبل إدارة الهلال ممثلة بمفاوض الإدارة الأول الأمير عبدالله بن مساعد بغرض تسجيل اللاعب يونجبيو لي ليكون اللاعب الآسيوي في الفريق وليسد الخانة التي يعاني منها الهلال كثيراً وهي خانة الظهير الأيمن، ووقّع الهلال مع اللاعب عقداً مدته عام واحد مقابل مليون يورو مع إمكانية تمديد العقد متى رغبت الإدارة الهلالية ذلك في المستقبل.