وهي الشركات العائلية العملاقة التي تتوزع نشاطاتها بين القطاعات الاقتصادية الكبرى، وتشكل جزءاً أساسياً من مكونات الاقتصاد الوطني.
هذه الشركات التي شكّلت الخط الثاني في الاستثمارات بعد الحكومية، توجد في أهم القطاعات، كالتجزئة وتجارة الجملة والبناء والصناعة وقطاع العقارات والسيارات والقطاع البنكي، إذ تشكل أكثر من 70 في المائة من مجموع الشركات في البلاد.
وطبقاً لتقرير اقتصادي صُدر مؤخراً، فإن الانتعاش الاقتصادي في المملكة أُصيب بارتباك نتيجة المشكلات التي تواجه مجموعة سعد ومجموعة القصيبي. إلا أن هناك عدداً من الشركات العائلية الأخرى التي تتعرض لضغوط مالية، وهي بالطبع تواجه مخاطر عدة، أبرزها التنافس على الإدارة والملكية والسلطة. وأدت مشكلات الشركات العائلية وتأثيرها في القروض البنكية إلى إعاقة الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ موخراً، في أعقاب الارتفاع في أسعار النفط وبلوغها الـ70 دولاراً، وهي التأثيرات التي قادت إلى خفض التوقعات بشأن النمو الاقتصادي لعام 2009 إلى -0،5%.
ونتيجة للمخاوف من سلامة أوضاع الشركات العائلية وانكشافها أمام الدائنين، أصبحت البنوك أكثر حذراً في تقديم التمويل للقطاع الخاص إجمالاً، لكنها وبشكل مباشر بدأت تتشدد في إقراض الشركات العائلية، وهناك شبه امتناع في القروض التي تقدمها إلا بعد الحصول على ضمانات كافية، هي عبارة عن ممتلكات عقارية كبرى تتجاوز قيمة التمويل. وهو ما يظهر حجم المخاطر التي تواجهها، لكنها تحديات أيضاً تتوسع لتشمل التخطيط للمدى البعيد وتحقيق التفاعل بين أصحاب الملكية والإدارة العملية، بالإضافة إلى تحول أهميتها في الاقتصاد إلى خطر مستقبلي محتمل إن لم تصحح مسارها، فيما هي تواجه تقليدياً آثار الأزمة الاقتصادية، لتبقى في مواجهة مفترق طرق بين ومواصلة رحلة النجاح أو مواجهة خطر التفكك. وكلها تحديات من النوع المزعج جداً والذي قد يلقى بثقله سلبياً على الحركة الاقتصادية برمته، الأمر الذي قاد دوماً إلى مطالبات متكررة بضرورة تنظيم مجالس الإدارات، والعمل على توجيهها للتحول إلى مؤسسات اقتصادية معتبرة وشفافة، كما ترتيب انتقال الإدارة بين الأجيال، وذلك لمواجهة الصعوبات والتأثيرات السلبية المتوقعة على جملة الاقتصاد المحلي في حالة تعثرها وسقوطها.
المعروف أن كثيراً من الشركات العائلية اندثرت بسبب تنافس الأسرة على الملكية والإدارة، ونجاح الشركات العائلية يتطلب كسر ذلك التنافس والنزاع، إضافة إلى وجود قوانين واضحة تنظم أعمالها وتفرض شفافيتها.
وهو الحل المتاح أمام الشركات العائلية لمواصلة مشوار أعمالها، قبل أن تساهم في خلق أزمات حقيقية في الاقتصاد الوطني، وتتحول إلى ذكرى بعد اندثارها.
إلى لقاء
* * *