على الرغم من تعليق معالي نائب وزير العمل على الإستراتيجية الجديدة لتوظيف السعوديين التي أقرها مجلس الوزراء، ومحاولاته إيضاح تفاصيل الإستراتيجية ومراحل تنفيذها، إلا أن ذلك لم يبدد مخاوف الكثير من أن تواجهها عقبات تؤدي إلى تأجيلها أو التراجع عنها مثلما حدث بالنسبة للقرارات السابقة المتعلقة بالسعودة، والتخفيض التدريجي لمعدلات الاستقدام، وتوظيف النساء في محلات المستلزمات النسائية. وزاد من تلك المخاوف كثرة العبارات العامة التي احتوتها الإستراتيجية والتي تثير تساؤلات قد لا تجد إجابات واضحة.
فعلى سبيل المثال ورد في تعليق معاليه أن الإستراتيجية تمثل إطاراً مرجعياً لمعالجة قضايا سوق العمل وفق رؤية تتمثل في (توفير فرص عمل كافية من حيث العدد، وملائمة من حيث الأجر، تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية، وتحقق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني).
فهذا الكلام جميل جداً.. لكن التساؤل يثور عن نوعية فرص العمل الكافية، والأجر الملائم، وكيفية تحديده دون وجود قوانين تلزم الجميع بالامتثال لها، وتنفيذها على الوجه السليم. فالإستراتيجية هي مجرد إطار ومرجعية عمل معرضة للنجاح أو الفشل. أما القرارات المصيرية، خاصة تلك التي تتعلق بالحق في العمل، ومستقبل الشباب، فلا بد أن تفرض على الجميع بقوة النظام المدعوم برادع الجزاء لمن يخالف ذلك مثلما تفعل الكثير من الدول التي اطلع الفريق الاستشاري على تجاربها والتي تسبغ على قواعد قانون العمل صفة النظام العام الذي لا يجوز الاتفاق على خلافه تحت أي مبرر، خاصة القواعد ذات الصلة بمستوى الأجور، والتأمينات الاجتماعية، وساعات العمل.
فمن الأسباب الجوهرية لمشكلة البطالة بالمملكة، انعدام الحافز المادي في أغلب مجالات القطاع الخاص، ومنافسة الوافدين، وهيمنة الأجانب على قطاعات واسعة من الأعمال تحت غطاء التستر التجاري، وضيق فرص العمل في المجالات الحكومية المدنية والعسكرية.
فالحافز المادي هو العامل الخلاق الذي يفجر طاقات الشباب ويدفعهم للبذل والعطاء والإبداع.
وما لم تحل هذه المعضلة، أي مستوى الأجور والتواجد الكثيف وغير المنظم للعمالة الوافدة، فمن المحتمل جداً أن المساعي المبذولة من قبل وزارة العمل لتخفيض معدلات البطالة، وخلق فرص عمل للشباب السعوديين تكفل لهم الحد الأدنى من العيش الكريم في وطنهم، من خلال هذه الإستراتيجية، قد تتعثر في منتصف الطريق.
malshmmeri@hotmail.com