(رويترز) - (الجزيرة)
يسعى مسؤولو الصفقات في كبرى شركات الطاقة في العالم لتحقيق المزيد في ثاني جولة للفوز بعقود استثمار في النفط العراقي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وذلك بعدما أصيب كثيرون بحالة من الحيرة لخروجهم صفر اليدين من الجولة الأولى الشهر الماضي.
ويطرح العراق عشرة من حقول النفط والغاز في مزاد في أواخر نوفمبر ليقدم بذلك فرصة أخرى لشركات الطاقة العالمية للتنافس على الحصول على عقود استثمار في ثالث أكبر احتياطيات نفط بالعالم.
وتمت ترسية عقد واحد فقط من بين ثمانية عقود كانت مطروحة في الجولة الأولى لأنها عرضت عائداً منخفضاً على الاستثمار دفع معظم شركات النفط إلى الانسحاب بعدما دفعت مئات الملايين من الدولارات سعياً وراء الثروة النفطية العراقية الضخمة.
وفازت شركتا بريتيش بتروليوم (بي.بي) البريطانية وشركة النفط الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) بالجائزة الكبرى والوحيدة في الجولة الأولى وهي العمل في واحد من أكبر الحقول إنتاجاً للنفط في العالم وهو حقل الرميلة.
وقال مدير تنفيذي في شركة غربية نفطية كبيرة رداً على سؤال حول ما الذي سيدفع شركات النفط الكبيرة إلى توقيع العقود في الجولة الثانية، فقال (نحتاج لأن نشهد هوامش أكبر... هذا كل ما في الأمر). ولا يزال المديرون التنفيذيون يسعون لفهم الفجوة التي ظهرت في المزاد بين عائد الاستثمار الذي توقعوه والحد الأقصى الذي كانت بغداد مستعدة لدفعه.
وبعد سنوات من المحادثات أصيب كثيرون بالاحباط لإدراكهم وفي نفس يوم المزاد أن الجانبين ما زالا على اختلاف كبير بخصوص أمر جوهري مثل المدفوعات.
وخصصت شركات النفط أموالاً طائلة منذ عام 2003 للسعي لاستثمار نفط العراق. وقدر مدير تنفيذي كبير أن من بين هذه الأموال أكثر من نصف مليار دولار أنفقت على تدريب مسؤولين عراقيين والتفاوض على عقود غير عملية ودراسات فنية وإعداد مناقصات وغيرها.
وقال مدير في شركة أوروبية (دهش الجميع لما حدث هناك... من الصعب قبول ما حدث والاعتقاد أن الأمور ستسير على هذا المنوال). وقال مدير آخر (العملية كلها كانت فوضى من البداية للنهاية). ولا يزال أمام كبرى شركات النفط السعي للاستثمار في الحقول التي طرحت في الجولة الأولى لكن لم تتم ترسيتها.
وقال مدير (لن تنأى أي جهة بنفسها عنها.. لا نزال نبحث عن سبل لدفع هذا الأمر إلى الأمام). وتحدث وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني كثيراً عن الشفافية التي تتمتع بها جولات منح عقود أصبح من غير المرجح أن تحقق المحادثات الثنائية المغلقة أي نتائج. لكن شركات النفط التي ترغب بشدة في السماح لها بالاستثمار في احتياطات نفط الشرق الأوسط ستحاول على أي حال.
وقال مراقب في وزارة النفط العراقية (ستطرق شركات النفط العالمية كل الأبواب الممكنة). وستحاول شركات النفط مد الجسور بشأن أمور المدفوعات خلال ورشة عمل في اسطنبول يوم 25 من الشهر الجاري. ومن المتوقع أيضاً أن تلتقي مسؤولين في وزارة النفط العراقية أوائل نوفمبر.
وتمثل المخاطر الأمنية أحد العوامل التي يختلف عليها الجانبان. ولا يزال الأمن والعنف يمثلان مشكلتين كبيرتين بالنسبة للشركات التي تود إرسال طاقم من المتخصصين إلى مناطق نائية. ويقلل العراق من خطورة هذا التهديد.
وتأخر لسنوات قانون نفطي يحدد بنود الاستثمار الأجنبي بسبب نزاع مرير بين بغداد والمنطقة الكردية في شمال العراق. ويعتبر إدخال تغييرات على القانون مجازفة كبيرة لشركات النفط الأجنبية.
وتقول بغداد إن بمقدورها توقيع عقود جديدة بموجب القانون المعمول به حالياً لكن القوانين القديمة تعود لأيام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ولم تتم تجربتها بعد الغزو في ظل الديمقراطية. ولم تحل بعد قضايا رئيسية مثل الجهة التي تملك سلطة الموافقة على الصفقات.
وقال مديرون تنفيذيون إنه بعد سنوات من العزلة والعقوبات على العراق بدا أن وزارة النفط هناك ليست على دراية بالأساليب التي من الممكن أن تستخدمها الشركات لتعزيز إنتاج النفط وتكلفة ذلك.
ومن بين المفاجآت الكبرى التي شهدتها الجولة الأولى من المزاد مدى تعزيز الإنتاج الذي اعتقدت شركات النفط أن بإمكانها تحقيقه.
وتحاول الشركات تعزيز إنتاج العراق من حقول النفط التي عرضت للمزاد بمقدار ستة ملايين برميل يومياً أي أربعة أمثال الزيادة الذي حددها العراق. وبعدما لم تتمكن الشركات من الاتفاق على المزيد من الصفقات فوت العراق فرصة إنتاج نفط إضافي يصل إلى أربعة ملايين برميل يومياً.
وكانت هذه الزيادة من شأنها أن تدفع بالعراق إلى المركز الثالث في رابطة منتجي النفط في العالم. وقال مدير تنفيذي (كلما زاد حجم الإنتاج الذي تتعهد به كلما زاد الثمن لأنك ستحاول الحصول على نفط صعب المنال). وستواجه شركات النفط أيضاً تأميماً متنامياً للموارد في العراق من المرجح أن تسلط عليه الأضواء على وجه الخصوص بينما يتطلع السياسيون العراقيون إلى الانتخابات الوطنية التي تجرى في يناير وفي يوم يحفل بالرموز انسحبت فيه القوات الأمريكية من المدن العراقية، وقام الشهرستاني بدور المدافع عن استغلال النفط العراقي. وتقول شركات النفط الكبرى إنها تقدم خدماتها مقابل أجر زهيد.
وقال مدير تنفيذي (ننافس أقراننا.. تعتقد الوزارة أننا سنجني جميعاً أرباحاً طائلة. لكن العائدات قليلة حتى بالنسبة لهذه المنطقة. كانت المنافسة حامية ولم يكن أمامنا مكان آخر نذهب إليه).