Al Jazirah NewsPaper Sunday  02/08/2009 G Issue 13457
الأحد 11 شعبان 1430   العدد  13457
(الجزيرة) تخترق حاجز الصمت وتقرع الأجراس
ضباط مكافحة المخدرات يكشفون بيئة الشر والحقد والانتقام

 

الجزيرة - سعود الشيباني :

العيش في ظل المخدرات بؤس وشقاء في كل معطياته، وإن شعر المستخدم والمروّج بأنها تحقق له بعض السعادة المؤقتة.. فالقصص التي يرويها رجال مكافحة المخدرات من واقع ممارستهم اليومية وجهودهم في مواجهة المروّجين والمهربين والمستخدمين تكشف حقائق كبيرة جداً قمين أن نتأملها بشيء من الوعي العميق والتفكير الجيد بوصفها مؤشراً يعكس جوانب من آثار هذه الآفة التي لا تفتأ تفتك بعقول وأبدان العديد من الشباب والفتيات نتيجة وقوعهم في ذلك..

لذا فإن الجهود التي تقوم بها المديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية والأجهزة الأمنية الأخرى والجمارك لمنع وصول هذه الآفة إلى المجتمع تظل واحدة من أبرز الوسائل للقضاء على تلك المؤثرات السلبية التي تتهدد المجتمع وأفراده ومستقبله..

هذه الجهود وما يترتب عليها من تضحيات أثمرت بفضل الله تعالى نتائج كبيرة ونجاحات متعددة وآثاراً مهمة لا نزال نذكرها فنشيد بها ونبتهج لها.. ونسأل الله عز وجل أن يبارك في هذه الجهود وأن يسدد الخطى..

في هذه الحلقات نعرض الجزء الرابع من جهود أولئك الذين يذودون عن أفراد هذا المجتمع مما يتهدده من عصابات التهريب والترويج.. وكيف تمكنوا من الوصول إليهم والقبض عليهم على الرغم من صعوبة وخطورة ذلك.

سلسلة الشر

سلسلة الشر يقود بعضها إلى بعض.. وعصابات المخدرات ينتمي بعضها إلى بعض ويقود بعضهم بعضاً للوقوع في قبضة رجال المكافحة.. وضمن العمليات التي ينفذها رجال المكافحة والتي كثيراً ما تتطور وتحمل الكثير من المفاجآت حدثت واقعة تحمل شيئاً من الغرابة والعجب..

فهذا مروِّج تم استدراجه بشراء (30) كيلو جراماً من الحشيش معه تبين أن من يمده بالمخدرات مروّج كبير يسكن في منطقة أخرى، وهو معروف لدى رجال المكافحة من خلال سوابقه في الترويج وتأكد لرجال المكافحة وجود علاقة بين الرجلين المروج المقبوض عليه والمروج الكبير المعروف لديهم الذي يسكن منطقة صحراوية بمنزل شعَر مع أفراد أسرته وسط سلسلة من الجبال..

أحد ضباط مكافحة المخدرات حزم أمره وأخذ مسدسه وقال للمروج المقبوض عليه الذي يتجاوز عمره الأربعين سنة سأذهب معك إلى المروج الكبير.. وإذا كشفتني سوف أقتلك قبل أن يتمكن مني صاحبك.. واتجه صوب الصحراء والجبال حيث يقطن المروج الكبير.. وترك الفرق الأمنية على بعد (25) كيلو متراً من موقع الهدف وذهب الاثنان على سيارة واحدة وتم شراء (100) كيلو جرام حشيش وتعرف الضابط الشجاع على الموقع وعدد الأشخاص وشاهد في المنزل (5) رشاشات و(3) بنادق نارية و(10) مسدسات وكميات كبيرة من الذخيرة الحية.. وبعدها رجع الرجلان من حيث أتيا.. وبعد أن رسم الضابط خارطة طريق لتنفيذ عمليته استحضر خلالها كل ما يحيط بالمروج الكبير.. وفي هدأة الليل ولحظة سكون الكائنات تمت مداهمة المروج الكبير (ساكن بيت الشعَر) فتحصن في أحد الجبال وأطلق النار على رجال المكافحة وبعد مواجهة عنيفة تم القبض عليه بعد أن أُصيب في يده وتم تفتيش منزله وعثر على كميات كبيرة من المخدرات مخبأة بعضها في الجبال تُقدر بحوالي (250) كيلو جراماً من الحشيش.!

مطرقة حديد

وهذه قصة أخرى وليست أخيرة بطلها مقيم مروّج مخدرات اسمه (عتريس) استدرجه رجال مكافحة المخدرات على أنهم مدمنون وتم شراء كمية من المخدرات منه وتم تحديد موعد في مكان معين ووضع له كمين في هذا الموقع وعند القبض عليه حاول المقاومة وحدث اشتباك بينه وبين رجال المكافحة داخل ورشة إصلاح سيارات عند مكان تغيير الزيوت حيث تم تحديده من قبل المروّج فما كان منه إلا أن أخذ مطرقة حديد وضرب بها الضابط على رأسه وتمت محاصرة (عتريس) وأُحكم القبض عليه بينما أخذ الضابط للعلاج من الإصابة في الرأس.

أشقاء سوء

ليس غريباً أن تجد عدداً من الإخوة يشتركون في مهنة واحدة أو يتوارثونها لكن أن يكون عدد كبير من الأشقاء يمتهنون عملاً مشيناً يرفضه الشرع ويحرمه ويأباه القانون وينفر منه الجميع فهذا أمر في غاية الخطورة حيث لا يوجد أحد يُذكّر البقية أو ينصحهم.. لذا فإن النتيجة أن يكون الجميع سادرين في غيهم وفي الشر غارقين.

هذا حال (8) أشقاء كلهم يعملون في ترويج المخدرات ومسلحون وقد تم رصدهم ومتابعتهم وتمت عملية شراء كمية من المخدرات منهم وبعد ترتيب القبض عليهم حاولوا مقاومة رجال المكافحة بأسلحة رشاشة وتحصنوا داخل منزل تسكنه عائلة وحوصروا بهذا المنزل لعدة ساعات.. بعدها تم القبض عليهم جميعاً دون حدوث أي إصابات لأي طرف من الأطراف.

لحية للتموية

بعض الناس إذا أراد أن يسرق أو ينصب يتخفى في ثياب الصالحين ومظهر الطيبين حتى يثق به الناس ويتعاملون معه كأصدق إنسان.. وقد واجه رجال مكافحة المخدرات شخصين مروجين من هذا الصنف كلاهما في العقد الخامس من عمره.. كان الرجلان المروجان ملتحيين كل واحد لحيته تلامس صدره من الطول.. ومن يراهما يعتقد أنهما من أهل الصلاح والعلم والتقوى.. بل لا أحد يجرؤ على الشك في سلوكهما، لذا فقد حاول الرجلان ترويج (300) ألف حبة كبتاجون في سيارة جيمس حيث وضعت الكمية في صندوق السيارة، ووفق ترتيب معين تم تنفيذ عملية شراء منهما حيث قدما ليقوما بعملية البيع من على بعد (1200) كيلو متر.. وعند القبض عليهما وفق خطة رجال مكافحة المخدرات أنكر كل منهما صلته بالمخدرات.. بل صار كل واحد يقول هي ملك للآخر مما أدى إلى وقوع اشتباك بينهما إلا أن فُرق المكافحة سيطرت على الموقف وأوقفت الاشتباك بينهما واقتادتهما بوصفهما مروجين.

يهدي زوجته للمروّج

تلقت إدارة مكافحة المخدرات بلاغاً من أسرة أحد المدمنين كان يعتزم أن يعتدي على أفراد أسرته إذ كان يطالب زوجته بأن تمكن المروّج من نفسها ليعطيه كمية من المخدرات التي يستخدمها لأنه لا يملك قيمتها من المال وعندما رفضت تمكين المروّج من نفسها حاول زوجها أن يعتدي عليها إلا أنها أغلقت على نفسها وأطفالها غرفة النوم.. ولذا فقد حاول إدخال اللي الخاص بأسطوانة الغاز من الحجم الكبير عليهم ثم فتح أسطوانه الغاز عليهم، وحين علمت إحدى فرق مكافحة المخدرات بذلك سارعت إلى الموقع.. وعندما أحس بهم رب الأسرة المدمن حاول مقاومتهم وإطلاق الغاز على الفرقة لكن رجال مكافحة المخدرات تعاملوا مع الموقف على نحو جيد حتى أُلقي القبض عليه وتمت السيطرة على الموقف ثم تم نقل الزوجة وأطفالها للمستشفى.

يُقاوم بسكين

أحد المروجين تمت مراقبته من قبل رجال المكافحة وتم الاتفاق معه على شراء (20) حبة كبتاجون وعندما ذهب العنصر المحدد لدفع المبلغ واستلام الكمية وضعت خطة للقبض عليه متلبساً بجريمته.. وعند القبض عليه أنكر ذلك وأن المبلغ الذي استلمه كان دَيناً على الشخص الذي دفعه (المشتري) فقال له رجال المكافحة: حسناً سوف نصدقك بعد تفتيش البيت وعدم العثور على أي نوع من المخدرات وبعد تفتيش منزله عُثر على (2000) حبة كبتاجون وعند اكتشاف أمره حاول الهرب فلم يستطع حيث كان المنزل محاصراً بقوات المكافحة من كل الجهات وأبدى مقاومة بسكين كان يحملها (داخل ملابسه) وتمت السيطرة عليه بعد مواجهة يائسة مع رجال المكافحة حيث أُصيب أحد رجال المكافحة إصابات طفيفة جراء استخدامه السكين.

إمام مزيف

بعض مرضى النفوس يحرصون على استخدام العديد من وسائل التمويه لتضليل رجال المكافحة وصرف انتباههم عن مراقبتهم.. وقد بلغ الأمر بأحد المروجين أن جعل من نفسه إماماً في أحد المساجد ظناً منه أنه سيكون بعيداً عن المراقبة، حيث ظل يروّج ما لديه من مخدرات.

وبتوفيق من الله اكتشف أمره لدى رجال مكافحة المخدرات وفي كمين معين، قام ببيع كمية من الحبوب لأحد رجال المكافحة وهو لا يدري بل ظن أنه أحد المدمنين العاديين وبعد أن باعه الكمية واستلم المبلغ دعاه للصلاة.. وبعد انتهاء الصلاة تمكن رجال مكافحة المخدرات من القبض عليه بعد أن أبدى مقاومة استخدم خلالها العقال لضرب رجال المكافحة وهو لا يعلم أن أمره انكشف وأنه وقع في قبضة رجال المكافحة.. فكم أساء لنفسه بهذا السلوك السيئ؟

تروِّج وقد بلغت الخمسين

ضمن المواجهات المسلحة التي يتعرض لها رجال مكافحة المخدرات التي يكون فيها شيء من الخطورة أن إحدى النساء كانت تقوم بترويج المخدرات مع أنها قد بلغت من العمر (50) عاماً، وكانت تحرص على أن تكون مسلحة في كل وقت.. وبعد الشراء منها قامت المفتشة بالقبض عليها فقاومتها وأشهرت مسدساً كانت تحمله معها في وجه المفتشة بغية تخويفها وتخليص نفسها.. لكن رجال مكافحة المخدرات على مقربة منها يتابعون الأمر عن كثب فأحبطوا مقاومتها وألقوا القبض عليها بعد أن أطلقت عدداً من الأعيرة النارية باتجاه المفتشة لكنها لم تصب بأي منها.

حصار حتى الفجر

في واحدة من عمليات المقاومة والمواجهة المسلحة التي استغرقت وقتاً طويلاً.. تابعت قوات مكافحة المخدرات أحد المروجين.. وفي الوقت المناسب تمت مداهمة منزله فتحصن بداخله وأخذ يطلق النار على رجال مكافحة المخدرات بكثافة من رشاش.. وقال لهم بلهجة تهديدية يريد بها فك الخناق عنه: (الذي يريد زوجته وأولاده فليرجع).. واشتدت المحاصرة وحدث تبادل لإطلاق النار مع رجال المكافحة استمر من بعد صلاة العشاء حتى بعد صلاة الفجر والرجل متحصن بمنزله يطلق النار ويتلقى رصاص قوات المكافحة التي لا تحاول قتله كالعادة بل لها وسائلها للاستسلام والمحافظة على أرواح الناس.

أخيراً تم القبض عليه وبحوزته كميات كبيرة من الحشيش وحبوب الكبتاجون ولم يتعرض أحد لأي إصابات.. غير أن عدداً من سيارات مكافحة المخدرات تضررت من إطلاق النار العشوائي الذي كان يقوم به المروج.

استسلم بعد أن أصيب

وضعت قوات مكافحة المخدرات خطة لمداهمة منزل أحد المروجين الذين يشكِّلون خطورة كبيرة، وكان المروّج المسلح متحصناً في منزله وبعد متابعة ومراقبة شديدة ولتطبيق الخطة والقبض عليه من داخل المنزل تم القفز عليه عبر سور المنزل.. وعندما شاهد المروّج أحد الضباط يسير على السور أطلق عليه عدة طلقات نارية فقفز الضابط على بيت الشعر الخاص بالمروج وعندها أسرع المروج لملاحقة الضابط بهدف قتله، حينئذ تعقبه رجال مكافحة المخدرات الذين كانوا يتابعون الموقف عن قرب وهم في غاية الاستعداد لتنفيذ عملية القبض عليه وتم إطلاق النار على المروج وإصابته في يده فاستسلم للفور.. وبعد القبض عليه وتفتيش منزله عثر على كميات من المخدرات والأسلحة النارية.

وظَّف ذكاءه كيف يهرب

لو استطاع المجرمون والمروجون توظيف ذكائهم وقدراتهم الذهنية في النشاط الإيجابي لكان من الممكن الإفادة من ذلك كثيراً، لكن مما يؤسف له أنهم يستخدمون ما يمتلكونه من ذكاء ضد مصلحة مجتمعهم وفيما يشكل خطورة أكثر على أفراد المجتمع وعلى الدولة ورجال الأمن..

فهذا مروِّج يتمتع بقدر من الذكاء والحضور الذهني إذ درج على بيع المخدرات داخل مزرعته التي تقع خارج المدينة فاستدرجه رجال مكافحة المخدرات وتوصلوا إلى شراء كمية منه داخل المزرعة وعند القبض عليه قاوم رجال المكافحة وحاول الهرب وسلك طرقاً داخل المزرعة ما بين أشجار النخيل.. وكان قد وضع أربع سيارات له بعدة مواقع كل منها في اتجاه معين وعلى بعد معين من المزرعة.. وعندما وصل إلى إحدى السيارات وهو مطمئن بأنه يستطيع الهروب تفاجأ بوجود أحد الضباط داخل السيارة مختبئاً وممسكاً برشاش خاص بالمروج وضعه في سيارته ليستخدمه ضد رجال مكافحة المخدرات وحدث عراك بينهما فأطلق الضابط عدة طلقات في الهواء واستطاع أن يحكم السيطرة على المروج وإلقاء القبض عليه دون حدوث أي إصابات.. وكان هذا من أخطر وأذكى مروجي المخدرات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد